للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَعافِرِ اليَمنِ». فإن قيلَ: فقد قالَ مُعاذٌ: «آخُذُه منكم مَكانَ الذُّرةِ والشَّعيرِ» وذلك غيرُ واجِبٍ في الجِزيةِ، قيلَ: يَجوزُ أنْ يَكونَ مُعاذٌ عقَد معهم الجِزيةَ على أخذِ الشَّعيرِ من زُروعِهم، يُوضِّحُ أنَّ ذلك من الجِزيةِ لا من الزَّكاةِ أنَّ مُعاذًا قالَ: فإنَّه أنفَعُ للمُهاجِرينَ والأَنصارِ بالمَدينةِ، والزَّكاةُ لا يَجوزُ نَقلُها من جِيرانِ المالِ إلى غيرِهم، سيَّما عندَ مُعاذٍ الذي يَقولُ: «أيُّما رَجلٍ انتَقلَ مِنْ مِخلافِ عَشيرتِه إلى غيرِ مِخلافِ عَشيرتِه فعُشرُه وصَدقتُه فِي مِخلافِ عَشيرتِه» (١)، فثبَتَ أنَّ ذلك في الجِزيةِ التي يَجوزُ نَقلُها.

وأمَّا قِياسُهم على مالِ التِّجارةِ فغيرُ صَحيحٍ؛ لأنَّ الزَّكاةَ تَجبُ في قيمةِ المَفرضِ، وتُخرَجُ زَكاةُ القيمةِ إلا أنَّها تَجبُ في الفَرضِ وتُخرَجُ قيمةُ الفَرضِ، وأما قِياسُهم على المَنصوصِ عليه فباطِلٌ بإِخراجِ نِصفِ صاعٍ عن صاعٍ، وشاةٍ عن شاتَينِ، ثم المَعنى في الأصلِ أنَّه مَنصوصٌ عليه، فلذلك جازَ إِخراجُه، وليسَت القيمةُ مَنصوصًا عليها، فلذلك لم يَجزْ إِخراجُها، وأمَّا قَولُهم: لمَّا جازَ العُدولُ من العَينِ إلى الجِنسِ جازَ العُدولُ من جِنسٍ إلى جِنسٍ، فهذا قياسُ العَكسِ، على أنَّ الواجِبَ عليه أنْ يُزكِّيَ من جِنسِ مالِه لا من عَينِ مالِه فلم يَكنْ في ذلك عادِلًا عمَّا وجَبَ عليه إلى غيرِه (٢).


(١) أخرجه البَيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٧/ ٩) كتاب الزَّكاةِ (٩) بابُ من قال لا يُخرِجُ صَدقةَ قَومٍ منهم من بَلدِهم وفي بَلدِهم من يَستحِقُّها، وقال الشَّيخُ الألبانيُّ في «تمام المنة» (٣٨٥): هذا مُنقطعٌ بينَ طاوسٍ ومُعاذٍ؛ فإنَّه لم يَسمَعْ منه.
(٢) «الحاوي الكبير» (٣/ ١٧٩، ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>