للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا، فإنَّ المَقصودَ إِغناؤُهم في ذلك اليَومِ العَظيمِ عن التَّعرُّضِ للسُّؤالِ، كما قالَ النَّبيُّ : «أَغْنوهُم عَنْ الطَّلبِ فِي هذا اليَومِ» (١) وإنَّما نَصَّ على تلك الأَنواعِ المُخرَجةِ؛ لأنَّ القَومَ لم يَكونوا يَعتادونَ اتِّخاذَ الأَطعمةِ يومَ العيدِ، بل كانَ قُوتُهم يومَ العيدِ كقُوتِهم سائِرَ السَّنةِ؛ ولِهذا لمَّا كانَ قُوتُهم يومَ عيدِ النَّحرِ من لُحومِ الأَضاحي أُمِروا أنْ يُطعِموا منها القانِعَ والمُعتَرَّ؛ فإذا كانَ أهلُ بَلدٍ أو مَحلَّةٍ عادتُهم اتِّخاذُ الأطعِمةِ يومَ العيدِ جازَ لهم، بل يُشرَعُ لهم أنْ يُواسوا المَساكينَ من أَطعِمتِهم، فهذا مُحتَملٌ يَسوغُ القَولُ به، واللهُ أعلمُ (٢).

القَولُ الثاني: لا يَجوزُ إِخراجُ الأَجناسِ غيرِ المَنصوصِ عليها إلا عن طَريقِ القيمةِ، وهو مَذهبُ الحَنفيةِ (٣).

قالَ الإمامُ الكاسانيُّ : وجَوازُ ما ليسَ بمَنصوصٍ عليه لا يَكونُ إلا باعتِبارِ القيمةِ كسائِرِ الأَعيانِ التي لم يَقعِ التَّنصيصُ عليها من النَّبيِّ (٤).

وقالَ الإمامُ السَّرخَسيُّ : فأمَّا ما ليسَ بمَنصوصٍ عليه فإنَّه مُلحَقٌ بالمَنصوصِ عليه باعتِبارِ القيمةِ؛ إذْ ليسَ فيه إِبطالُ التَّقديرِ المَنصوصِ عليه (٥).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
(٢) «إعلام الموقعين عن رب العالمين» (٣/ ١٢، ١٣).
(٣) «المبسوط» للسرخسي (٣/ ١١٤)، و «بدائع الضائع» (٢/ ٧٣)، و «مختصر القدوري» ص (٦١)، و «الاختيار» (١/ ١٣٢)، و «العناية» (٣/ ٢٤٥)، و «البحر الرائق» (٢/ ٢٧٣).
(٤) «بدائع الضائع» (٢/ ٧٣).
(٥) «المبسوط» (٣/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>