قياسُ غيرِ المَنصوصِ عليه على المَنصوصِ عليه بجامِعِ الاقتِياتِ في كلٍّ، والمَنصوصُ عليه يَجوزُ إِخراجُه بالاتِّفاقِ، فكذلك غيرُ المَنصوصِ عليه، إذًا المَقصودُ هو سَدُّ خَلةِ المَساكينِ يومَ العيدِ ومُواساتُهم من جِنسِ ما يَقتاتُه أهلُ بَلدِهم (١).
أمَّا ابنُ القيمِ ﵀ فقد توسَّعَ في المَسألةِ فقالَ: فَصلٌ: [صَدقةُ الفِطرِ لا تَتعيَّنُ في أَنواعٍ] المِثالُ الرابِعُ: «أنَّ النَّبيَّ ﷺ فرَضَ صَدقةَ الفِطرِ صاعًا من تَمرٍ أو صاعًا من شَعيرٍ أو صاعًا من زَبيبٍ أو صاعًا من أقِطٍ»، وهذه كانَت غالِبَ أَقواتِهم بالمَدينةِ، فأمَّا أهلُ بَلدٍ أو مَحلَّةٍ قُوتُهم غيرُ ذلك فإنَّما عليهم صاعٌ من قُوتِهم، كمَن قُوتُهم الذُّرةُ والأرُزُّ أو التِّينُ أو غيرُ ذلك من الحُبوبِ، فإنْ كانَ قُوتُهم من غيرِ الحُبوبِ كاللَّبنِ واللَّحمِ والسَّمكِ أخرَجوا فِطرتَهم من قُوتِهم كائنًا ما كانَ، هذا قَولُ جُمهورِ العُلماءِ، وهو الصَّوابُ الذي لا يُقالُ بغيرِه؛ إذِ المَقصودُ سَدُّ خَلةِ المَساكينِ يومَ العيدِ ومُواساتُهم من جِنسِ ما يَقتاتُه أهلُ بَلدِهم، وعلى هذا يُجزِئُ إِخراجُ الدَّقيقِ وإنْ لم يَصحَّ فيه الحَديثُ، وأمَّا إِخراجُ الخُبزِ والطَّعامِ فإنَّه -وإنْ كانَ أنفَعَ للمَساكينِ لقلَّةِ المُؤنةِ والكُلفةِ فيه- قد يَكونُ الحَبُّ أنفَعَ لهم؛ لطُولِ بَقائِه وأنَّه يَتأتَّى منه ما لا يَتأتَّى من الخُبزِ والطَّعامِ، ولا سيَّما إذا كثُرَ الخُبزُ والطَّعامُ عندَ المَساكينِ فإنَّه يَفسُدُ ولا يُمكِنُه حِفظُه، وقد يُقالُ: لا اعتِبارَ
(١) «المنتقى للباجي» (٢/ ١٨٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢٧)، و «إعلام الموقعين عن رب العالمين» (٣/ ١٢).