للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل قالُوا: يَجبُ عليه أنْ يَقتَرضَ لِأداءِ زَكاةِ الفِطرِ إذا كانَ يَرجو القَضاءَ؛ لأنَّه قادِرٌ حُكمًا، وإنْ كانَ لا يَرجو القَضاءَ لا يَجبُ عليه (١).

وقالَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ: يُشتَرطُ لوُجوبِ الفِطرةِ على الفَقيرِ أنْ يَكونَ عندَه مِقدارُها فاضِلًا على قُوتِه وقُوتِ مَنْ تَلزمُه نَفقتُه لَيلةَ العيدِ ويَومَه، وأنْ يَكونَ فاضِلًا على مَسكَنِه ومَتاعِه وحاجاتِه الأصليَّةِ، فمَن له دارٌ يَحتاجُ إليها لسُكناها أو إلى أُجرتِها لنَفقتِه، أو ثيابٌ بذَلَها له، أو لمَن تَلزمُه مُؤنَتُه، أو رَقيقٌ يَحتاجُ إلى خِدمَتِهم هو أو مَنْ يَمونُه، أو بَهائمُ يَحتاجُ إلى رُكوبِها والانتِفاعِ بها في حَوائجِهم الأصليَّةِ، أو سائِمةٌ يَحتاجونَ إلى نَمائِها كذلك؛ لأنَّ هذا مما تَتعلَّقُ به حاجَتُه الأصليَّةُ، فلم يَلزمْه بَيعُه كمُؤنةِ نَفسِه.

ومَن له كُتبٌ يَحتاجُ إليها للنَّظرِ فيها والحِفظِ منها لا يَلزمُه بَيعُها، والمَرأةُ إذا كانَ لها حُليٌّ للُّبسِ أو لكِراءٍ تَحتاجُ إليه لَم يَلزمْها بَيعُها في الفِطرةِ.

وما فضَلَ من ذلك عن حَوائجِه الأصليَّةِ وأمكَنَ بَيعُه وصَرفُه في الفِطرةِ وجَبَت الفِطرةُ به؛ لأنَّه أمكَنَ أداؤُها من غيرِ ضَررٍ أَصليٍّ، أشبَهَ ما لوملَكَ من الطَّعامِ ما يُؤدِّيه فاضِلًا على حاجَتِه (٢).

القَولُ الثاني: ذهَبَ الحَنفيةُ وابنُ العَربيِّ من المالِكيةِ إلى أنَّ مَعنى القُدرةِ على إِخراجِ صَدقةِ الفِطرِ أنْ يَكونَ مالِكًا للنِّصابِ الذي تَجبُ فيه


(١) «الذخيرة» (٣/ ١٥٩/ ١٦٠)، و «بلغة السالك» (١/ ٤٣٦).
(٢) «المجموع» (٧/ ١٨٩)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٢٩٩، ٣٠٠)، و «المغني» (٤/ ٥٩)، و «كشاف القناع» (٢/ ٢٤٧)، و «شرح الزركشي» (١/ ٤٠٧)، و «الإفصاح» (١/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>