للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: الأَثرُ:

فعَن أَبي هُريرةَ قالَ: «زَكاةُ الفِطرِ على كلِّ حُرٍّ وعبدٍ، ذَكرٍ وأُنثَى: صَغيرٍ وكَبيرٍ، غَنيٍّ وفَقيرٍ» (١)، والمُرادُ بالفَقيرِ مَنْ يَملِكُ زَكاةَ الفِطرِ فاضِلًا عن قُوتِه وقُوتِ عيالِه، وهذا دَليلٌ على أنَّ اليَسارَ المُعتبَرَ لوُجوبِ زَكاةِ الفِطرِ هو مِلكُ مِقدارِها.

ثالِثًا: المَعقولُ:

هو أنَّ زَكاةَ الفِطرِ مُتعلِّقةٌ بالبَدنِ لا تَزيدُ بزِيادةِ المالِ، فلا يُشتَرطُ وُجودُ النِّصابِ فيه كالكَفارةِ (٢)، ولا يُمتنَعُ أنْ يُؤخذَ منه ويُعطَى كما وجَبَ عليه العُشرُ في زَرعِه وهو بَعدُ مُحتاجٌ إلى ما يَكفيه وعيالَه؛ ولأنَّه من أهلِ الطَّهارةِ يَملِكُ قَدرَ الفِطرةِ فاضِلًا على الكِفايةِ فوجَبَ أنْ تَلزمَه الزَّكاةُ؛ ولأنَّ فَرضَ الزَّكاةِ ورَدَ مُطلقًا على الصَّغيرِ والكَبيرِ والذَّكرِ والأُنثى والحُرِّ والعَبدِ ولم يُقيِّدْها بغَنيٍّ ولا فَقيرٍ كما قيَّدَ زَكاةَ المالِ بقَولِه: «تُؤخذُ مِنْ أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقَرائِهم» (٣) (٤).

وقالَ المالِكيةُ: إذا كانَ قادِرًا على المِقدارِ الذي يَجبُ عليه ولو كانَ أقَلَّ من صاعٍ وعندَه قُوتُ يومِه وجَبَ عليه دَفعُه.


(١) رواه عبد الرزاق في «المصنف» (٣/ ٣١١) برقم (٥٧٦١).
(٢) وذلك لأنَّ صَدقةَ الفِطرِ تُشبِهُ الكَفَّارةَ دونَ الزَّكاةِ حتى إنَّها لا يُعتبَرُ فيها الحَولُ وفي الكَفَّارةِ يُعتبَرُ تَيسيرُ الأداءِ دونَ الغَنيِّ فكذلك في زَكاةِ الفِطرِ. يُنظر: «المبسوط» للسرخسي (٣/ ١٠٢).
(٣) رواه البخاري (١٣٣١)، ومسلم (١٩).
(٤) «الحاوي الكبير» (٣/ ٣٧٢)، و «المغني» (٤/ ٥٦)، و «الكافي» (١/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>