(المَنصوصُ) أنَّه لا يَجوزُ؛ لأنَّه زالَ عنه إطلاقُ اسمِ الماءِ فصارَ كما لو تغيَّرَ بالزَّعفرانِ.
ورُويَ عنه أنَّه قالَ: يَجوزُ الوُضوءُ به؛ لأنَّه استِعمالُ لم يُغيِّرْ صِفةَ الماءِ، فلم يَمنعِ الوُضوءَ به؛ كما لو غسَلَ به ثَوبًا طاهِرًا، ومِن أَصحابِنا مَنْ لم يُثبتْ هذه الرِّوايةَ.
ثم قالَ: وأمَّا المُستعمَلُ في النَّجسِ فيُنظرُ فيه: فإنِ انفصَلَ عن المَحلِّ وتغيَّرَ فهو نَجسٌ لقَولِه ﷺ: «الماءُ لا يُنجِّسُه شَيءٌ إلا ما غيَّرَ طَعمَه أو رِيحَه»(١).
وإنْ كانَ غيرَ مُتغيِّرٍ ففيه ثَلاثةُ أوجُهٍ:
أحَدُها: أنَّه طاهِرٌ وهو قَولُ أبي العَباسِ وأبي إِسحاقَ؛ لأنَّه ماءٌ لا يُمكنُ حِفظُه من النَّجاسةِ فلم يُنجَّسْ من غيرِ تَغيُّرٍ، كالماءِ الكَثيرِ إذا وقَعَت فيه نَجاسةٌ.
(١) رواه ابن ماجه (٥٢١)، والطبراني في «الكبير» (٨/ ١٠٤)، والدارقطني في «سننه» (١/ ٢٨) قالَ النَّوويُّ: ضَعيفٌ لا يَصحُّ الاحتِجاجُ به، وقد رَواه ابنُ ماجَه والبَيهَقيُّ من رِوايةِ أبي أُمامةَ وذكَرا فيه: طَعمَه أوريحَه أولَونَه واتَّفَقوا على ضَعفِه، ونقَلَ الإمامُ الشافِعيُّ/ تَضعيفَه عن أهلِ الحَديثِ وبيَّنَ البَيهَقيُّ ضَعفَه. وإذا عُلمَ بَيانُ ضَعفِ الحَديثِ تَعيَّنَ الاحتِجاجُ ب «الإجماع» كما قالَ البَيهَقيُّ وغيرُه من الأئِمةِ، وقد أشارَ إليه الشافِعيُّ أيضًا فقالَ: الحَديثُ لا يُثبتُ أهلُ الحَديثِ مِثلَه، ولكنَّه قَولُ العامةِ، لا أعلَمُ بينَهم فيه خِلافًا. «المجموع» (٢/ ٦٩).