للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الذي رَوَيْنا، ومالُ ابنِ السَّبيلِ مَقدورٌ الانتِفاعُ به في حَقِّه بيَدِ نائِبِه، وكذا المَدفونُ في البَيتِ؛ لأنَّه يُمكِنُه الوُصولُ إليه بالنَّبشِ بخِلافِ المَفازةِ؛ لأنَّ نَبشَ كلِّ الصَّحراءِ غَيرُ مَقدورٍ له.
وكذا الدَّينُ المُقَرُّ به إذا كان المُقِرُّ مَليئًا فهو مُمكِنٌ الوُصولُ إليه.
وأمَّا الدَّينُ المَجحودُ فإنْ لم يَكُنْ له بَيِّنةٌ فهو على الاختِلافِ وإنْ كان له بَيِّنةٌ اختلَف المَشايخُ فيه، قال بَعضُهم: تَجِبُ الزَّكاةُ فيه؛ لأنَّه يُمكِنُ الوُصولُ إليه بالبَيِّنةِ فإذا لم يُقِمِ البَيِّنةَ فقد ضيَّع القُدرةَ فلم يُعذَرْ. وقال بَعضُهم: لا تَجِبُ؛ لأنَّ الشاهِدَ قد يَفسُقُ إلا إذا كان القاضي عالِمًا بالدَّينِ؛ لأنَّه يَقضي بعِلمِه فكان مَقدورًا الانتِفاعُ به، وإنْ كان المَدينُ يُقِرُّ في السِّرِّ ويَجحَدُ في العَلانيةِ فلا زَكاةَ فيه، كذا رُوي عن أبي يُوسفَ؛ لأنَّه لا يَنتفِعُ بإقرارِه في السِّرِّ فكان بمَنزِلةِ الجاحِدِ سِرًّا وعَلانيةً، وإنْ كان المَدينُ مُقرًّا بالدَّينِ لكنَّه مُفلِسٌ فإنْ لم يَكُنْ مَقضيًّا عليه بالإفلاسِ تَجِبُ الزَّكاةُ فيه في قَولِهم جَميعًا.
وقال الحَسَنُ بنُ زِيادٍ: لا زَكاةَ فيه؛ لأنَّ الدَّينَ على المُعسِرِ غَيرُ مُنتَفَعٍ به، فكان ضِمارًا، والصَّحيحُ قَولُهم؛ لأنَّ المُفلِسَ قادِرٌ على الكَسبِ والاستِقراضِ مع أنَّ الإفلاسَ مُحتمَلُ الزَّوالِ ساعةً فساعةً إذِ المالُ غادٍ ورائِحٍ وإنْ كان مَقضيًّا عليه بالإفلاسِ فكذلك في قَولِ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسُفَ.
وقال مُحمدٌ: لا زَكاةَ فيه فمُحمدٌ مَرَّ على أصلِه؛ لأنَّ التَّفليسَ عندَه يَتحقَّقُ وأنَّه يُوجِبُ زيادةَ عَجزٍ؛ لأنَّه يَسُدُّ عليه بابَ التَّصرُّفِ؛ لأنَّ الناسَ لا يُعامِلونَه بخِلافِ الذي لم يُقضَ عليه بالإفلاسِ، وأبو حَنيفةَ مَرَّ على أصلِه؛ لأنَّ الإفلاسَ عندَه لا يَتحقَّقُ في حالِ الحياةِ والقَضاءُ به باطِلٌ وأبو يُوسُفَ -وإنْ كان يَرى التَّفليسَ- يَرى المُفلِسَ قادِرًا في الجُملةِ بواسِطةِ الاكتِسابِ، فصارَ الدَّينُ مَقدورًا الانتِفاعُ به في الجُملةِ، فكان أثَرُ التَّفليسِ في تأخيرِ المُطالَبةِ إلى وَقتِ اليَسارِ، فكان كالدَّينِ المُؤجَّلِ فتَجِبُ الزَّكاةُ فيه.
ولو دفَع إلى إنسانٍ وَديعةً ثم نَسيَ المُودِعُ فإنْ كان المَدفوعُ إليه من مَعارِفِه فعليه الزَّكاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>