وتَفسيرُ مالِ الضِّمارِ: هو كلُّ مالٍ غَيرِ مَقدورٍ الانتِفاعُ به مع قيامِ أصلِ المِلكِ كالعَبدِ الآبِقِ والضالِ والمالِ المَفقودِ والمالِ الساقِطِ في البَحرِ والمالِ الذي أخَذه السُّلطانُ مُصادَرةً والدَّينِ المَجحودِ إذا لم يَكُنْ لِلمالِكِ بيِّنةٌ وحالَ الحَولُ ثم صارَ له بَيِنةٌ بأنْ أقَرَّ عندَ الناسِ، والمالِ المَدفونِ في الصَّحراءِ إذا خَفيَ على المالِكِ مَكانُه، فإنْ كان مَدفونًا في البَيتِ تَجِبُ فيه الزَّكاةُ بالإجماع. وفي المَدفونِ في الكَرمِ والدارِ الكَبيرةِ اختِلافُ المَشايخِ، احتجاجًا بعُموماتِ الزَّكاةِ من غَيرِ فَصلٍ؛ ولأنَّ وُجوبَ الزَّكاةِ يَعتمِدُ المِلكَ دونَ اليَدِ بدَليلِ ابنِ السَّبيلِ فإنَّه تَجِبُ الزَّكاةُ في مالِه وإنْ كانت يَدُه فائِتةً لِقيامِ مِلكِه. وتَجِبُ الزَّكاةُ في الدَّينِ مع عَدمِ القَبضِ وتَجِبُ في المَدفونِ في البَيتِ فثبَت أنَّ الزَّكاةَ وَظيفةُ المِلكِ، والمِلكُ مَوجودٌ، فتَجِبُ الزَّكاةُ فيه إلا أنَّه لا يُخاطَبُ بالأداءِ لِلحالِ لِعَجزِه عن الأداءِ لبُعدِ يَدِه عنه، وهذا لا يَنفي الوُجوبَ كما في ابنِ السَّبيلِ. ولنا ما رُوي عن علِيٍّ ﵁ مَوقوفًا عليه ومَرفوعًا إلى رَسولِ اللهِ ﷺ أنَّه قال: «لا زَكاةَ في مالِ الضِّمارِ»، وهو المالُ الذي لا يُنتفَعُ به مع قيامِ المِلكِ، مأخوذٌ من البَعيرِ الضامِرِ الذي لا يُنتفَعُ به لِشِدَّةِ هُزالِه مع كَونِه حَيًّا، وهذه «الأموال» غَيرُ مُنتفَعٍ بها في حَقِّ المالِكِ لِعَدمِ وُصولِ يَدِه إليها، فكانت ضِمارًا؛ ولأنَّ المالَ إذا لم يَكُنْ مَقدورًا الانتِفاعُ به في حَقِّ المالِكِ لا يَكونُ المالِكُ به غَنيًّا ولا زَكاةَ على غَيرِ الغَنيِّ بالحَديثِ =