للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلتُ له: فلو أنَّ رَجلًا جعَلَ مِئةَ دِينارٍ في سَبيلِ اللهِ تُفرَّقُ أو على المَساكينِ، فحالَ عليها الحَولُ، هل تُؤخَذُ منها الزَّكاةُ؟ فقالَ: لا، هذه كلُّها تُفرَّقُ، وليسَت مِثلَ الأُولى، وكذلك الإبلُ والبَقرُ والغَنمُ إذا كانَت في سَبيلِ اللهِ تُفرَّقُ أو تُباعُ فتُقسَمُ أثمانُها فيُدرِكُها الحَولُ قبلَ أنْ تُفرَّقَ فلا تُؤخَذُ منها زَكاةٌ؛ لأنَّها تُفرَّقُ ولا تُتركُ مُسَبَّلةً، وهو رَأيي في الإبلِ إذا أُمرَ أنْ تُباعَ ويُفرَّقَ ثَمنُها مِثلَما قالَ مالِكٌ في الدَّنانيرِ.

وعن ابنِ وَهبٍ عن ابنِ لَهيعةَ عن عُبيدِ اللهِ بنِ أَبي جَعفَرٍ أنَّه قالَ في النَّخلِ التي هي صَدقةٌ رِقابُها، إنَّ فيها الصَّدقةَ تُخرَصُ كلَّ عامٍ مع النَّخلِ. قالَ: وقالَ ذلك مالِكٌ وقد تَصدَّقَ عُمرُ بنُ الخَطابِ وغَيرُه من أَصحابِ رَسولِ اللهِ ، فالصَّدقةُ تُؤخَذُ من صَدقاتِهم (١).

وأمَّا الشافِعيةُ والحَنابِلةُ فيُفرِّقونَ بينَ المَوقوفِ على جِهةٍ عامَّةٍ فلا تَجبُ فيه الزَّكاةُ، وبينَ المَوقوفِ على مُعيَّنٍ فاختلَفوا فيه على قَولَينِ.

قالَ الشافِعيةُ: إذا كانَت الماشيةُ مَوقوفةً على جِهةٍ عامَّةٍ كالفُقراءِ أو المساجِدِ أو الغُزاةِ أو اليَتامى وشِبهِ ذلك فلا زَكاةَ فيها بلا خِلافٍ؛ لأنَّه ليسَ لها مالِكٌ مُعيَّنٌ.

وإنْ كانَت مَوقوفةً على مُعيَّنٍ، سَواءٌ كانَ واحِدًا أو جَماعةً، قالَ النَّوويُّ: فإنْ قُلنا بالأصَحِّ: إنَّ المِلكَ في رَقبةِ المَوقوفِ للهِ تَعالى فلا زَكاةَ بلا خِلافٍ، كالوَقفِ على جِهةٍ عامَّةٍ.


(١) «المدونة الكبرى» (٢/ ٣٤٣، ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>