والثاني: وهو أصَحُّهما: لا تَجبُ؛ لأنَّه مِلكٌ ضَعيفٌ بدَليلِ أنَّه لا يَملِكُ التَّصرُّفَ في رَقبتِه فلم تَجبِ الزَّكاةُ فيه كالمُكاتَبِ وما في يَدِه.
فإنْ قُلنا: تَجبُ فأخرَجها مِنْ مَوضعٍ آخَرَ أجزَأه، فإنْ أرادَ إِخراجَها من المَوقوفةِ نَفسِها فوَجهانِ، حَكاهُما صاحِبُ البَيانِ وغَيرُه، أصَحُّهما: لا يَجوزُ، وبه قطَعَ صاحِبُ العُدَّةِ؛ لأنَّه لا يَملِكُ التَّصرُّفَ فيها بإِزالةِ المِلكِ، والثاني: يَجوزُ؛ لأنَّا جعَلناه كالمُطلَقِ في وُجوبِ الزَّكاةِ على هذا الوَجهِ.
فَرعٌ: الأَشجارُ المَوقوفةُ من نَخلٍ وعِنبٍ، قالَ أَصحابُنا: إنْ كانَت مَوقوفةً على جِهةٍ عامَّةٍ كالمَساجدِ والرُّبُطِ والمَدارسِ والقَناطرِ والفُقراءِ والمَساكينِ، ونَحوِ ذلك، فلا عُشرَ في ثِمارِها، وإنْ كانَت على مُعيَّنينَ وجَبَ العُشرُ في ثِمارِها إذا بلَغَت نِصابًا بلا خِلافٍ، ويُخرِجُها من الثَّمرةِ نَفسِها إنْ شاءَ؛ لأنَّه يَملِكُ الثَّمرةَ مِلكًا مُطلَقًا.
هكذا ذكَرَ أَصحابُنا المَسألةَ في جَميعِ طُرقِهم، وحَكى ابنُ المنذِرِ في الإِشرافِ عن الشافِعيِّ ومالِكٍ ﵄ إِيجابَ العُشرِ في الثِّمارِ المَوقوفةِ في سَبيلٍ أو على قَومٍ بأَعيانِهم.