ضَربَينِ: أَحدُهما يَكونُ فيمَن يَلي بنَفسِه من أَبٍ أو جَدٍّ فليس للحاكِمِ أنْ يَستكشِفَ عن حالِه، وعليه إِقرارُه على وِلايتِه ونَظرِه حتى يَثبُتَ عندَه ما يُوجبُ زَوالَ نَظرِه من فِسقٍ أو خيانةٍ، فيَعزلَه حينَئذٍ ويُولِّيَ غيرَه؛ لأنَّ الواليَ بنَفسِه أَقوى نَظرًا من الحاكِمِ.
والضَّربُ الثاني: أنْ تَكونَ وِلايتُه بغيرِه، فهذا على ضَربَينِ: أَحدُهما أنْ يَكونَ أَمينَ حاكِمٍ، والثاني أنْ يَكونَ وَصيَّ أَبٍ، فإنْ كانَ أَمينَ الحاكِمِ لم يَجِبْ أنْ يَستكشِفَ عن حالِه إلا أنْ يَثبُتَ عندَه خِيانَتُه أو فِسقُه؛ لأنَّ ما وَلَّاه الحاكِمُ قد اعتُبِرَ من حالِه ما صَحَّت به وِلايتُه، وإنْ كانَ وَصيَّ أَبٍ ففيه وَجهانِ: أَحدُهما -وهو قَولُ أَبي إِسحاقَ المَروَزيِّ-: لا يَجوزُ استِكشافُ حالِه إلا بعدَ ثُبوتِ فِسقِه كالأَبِ وأَمينِ الحاكِمِ، والوَجهُ الثاني: وهو الأصَحُّ عِندي أنَّ على الحاكِمِ استِكشافَ حالِه؛ لأنَّه لم يَنفُذْ بوِلايتِه حُكمٌ ولا هو ممَّا تَنتَفي عنه التُّهمةُ كالأَبِ، وقد يَجوزُ أنْ يَكونَ بوَصفِ مَنْ لا يَستحِقُّ النَّظرَ فافتَقرَ إلى الكَشفِ (١).
وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ: وإذا تغيَّرَت حالُ الوَصيِّ بجُنونٍ أو كُفرٍ أو سَفهٍ زالَت وِلايتُه وصارَ كأنَّه لم يُوصَ إليه، ويَرجعُ الأمرُ إلى الحاكِمِ، فيُقيمُ أَمينًا ناظِرًا للمَيتِ في أمرِه وأمرِ أَولادِه من بعدِه، كما لو لم يُخلِّفْ
(١) «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٣٤، ٣٣٥)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥٦٤، ٥٦٥)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٤٣٨)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٢٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٤)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٧٨)، و «الديباج» (٣/ ١٠٠).