للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الماوَرديُّ: وهذا كما قالَ: إذا تغيَّرَت حالُ الوَصيِّ بعدَ استِكمالِ الشُّروطِ فيه فذلك ضَربانِ: أَحدُهما ما خرَجَ به من الوَصيةِ، والثاني ما عجَزَ به عنها، فأمَّا الذي يَخرجُ به من الوَصيةِ فالطارِئُ عليه من جُنونٍ أو فِسقٍ أو مَرضٍ يُؤثِّرُ في صِحةِ تَدبيرِه وفَضلِ نَظرِه، فهذه أُمورٌ يَخرجُ بها من الوَصيةِ.

وقالَ أَبو حَنيفةَ: طُروءُ الفِسقِ لا يُخرجُه من الوَصيةِ، كما أنَّ فِسقَ من حُكمَ بشَهادتِه لا يُوجبُ نَقضَ الحُكمِ بها، ولكنْ يُضمُّ إليه بعدَ فِسقِه عَدلٌ، وهذا القَولُ لا وَجهَ له؛ لأنَّه لمَّا كانَ الفِسقُ مانِعًا من ابتِداءِ الوَصيةِ كانَ مانِعًا من استِدامَتِها كالكُفرِ، وإذا كانَ كذا صارَ طُروءُ الفِسقِ كغيرِه من الأَسبابِ المانِعةِ، فيَلزمُ الحاكِمَ معها إِخراجُها عن يَدِه واختيارُ مَنْ يَقومُ بها من أُمنائِه، فإنْ تصرَّفَ الوَصيُّ في المالِ بعدَ خُروجِه منها بأحدِ هذه الأَسبابِ نُظرَ فإنْ كانَ عَقدًا أو ما يَفتقِرُ إلى اجتِهادٍ رُدَّ وكانَ له ضامِنًا إنْ ماتَ، وإنْ كانَ مُعيَّنًا من وَصيةٍ أو دَينٍ لا يَفتقِرُ إلى اجتِهادٍ أمضَى ولم يَضمَنْه.

وأمَّا العَجزُ عنها فالضَّعفُ الذي يُقدَرُ معه على القيامِ بها فهذا مُقَرٌّ على حالِه، لكنْ على الحاكِمِ أنْ يَضمَّ إليه مِنْ أُمنائِه مَنْ يُعينُه على إِنفاذِ الوَصايا والوِلايةِ على الأَطفالِ، فلو تفرَّدَ هذا الوَصيُّ قبلَ أنْ يَضمَّ الحاكِمُ إليه أَمينًا فتصرَّفَ في الوَصيةِ أمضى ولم يَضمَنْه؛ لأنَّه ما انفرَدَ به إلا وهو قادِرٌ عليه، وهكذا لو ابتُدئَ بالوَصيةِ إلى غيرِ أَمينٍ أخرَجَها الحاكِمُ من يَدِه.

ولو أَوصَى إلى ضَعيفٍ ضُمَّ إليه غيرُه من أَبنائِه، فإنْ قيلَ: فهل يَلزمُ الحاكِمَ أنْ يَستكشِفَ عن الأَوصياءِ ووُلاةِ الأَيتامِ أو لا؟ قُلنا: هذا على

<<  <  ج: ص:  >  >>