للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصيًّا، وإنْ تغيَّرَت حالُه بعدَ الوَصيةِ وقبلَ المَوتِ ثم عادَ فكانَ عندَ المَوتِ جامِعًا لشُروطِ الوَصيةِ صَحَّت الوَصيةُ إليه؛ لأنَّ الشُّروطَ مَوجودةٌ حالَ العَقدِ والمَوتِ، فصَحَّت الوَصيةُ كما لو لم تَتغيَّرْ حالُه.

ويَحتملُ أنْ تَبطُلَ؛ لأنَّ كلَّ حالةٍ منها حالةٌ للقَبولِ والرَّدِّ، فاعتُبِرت الشُّروطُ فيها، فأمَّا إنْ زالَت بعدَ المَوتِ وانعزَلَ ثم عادَ فأكمَلَ الشُّروطَ لم تُعدَّ وَصيتُه؛ لأنَّها زالَت فلا تَعودُ إلا بعَقدٍ جَديدٍ (١).

وقالَ الإِمامُ المَوصليُّ الحَنفيُّ: اعلَمْ أنَّ الأَوصياءَ ثَلاثةٌ:

أَمينٌ قادِرٌ على القيامِ بما أُوصيَ إليه؛ فإنَّه يُقرَّرُ وليسَ للقاضي عَزلُه؛ لأنَّ مَقصودَ المُوصي القيامُ بأُمورِه وما أَوصَى إليه به، فإذا حصَلَ فتَغييرُه إِبطالٌ لقَصدِه فلا يَجوزُ.

وأَمينٌ عاجِزٌ فللقاضي أنْ يَضمَّ إليه مَنْ يُعينُه؛ لأنَّ الوَصيةَ إليه صَحيحةٌ لا يَجوزُ إِبطالُها، إلا أنَّ في انفِرادِه نَوعَ خَللٍ ببعضِ المَقصودِ لعَجزِه فيُضمُّ إليه آخَرُ تَكميلًا للمَقصودِ.

وفاسِقٌ أو كافِرٌ أو عبدٌ فيَجبُ عَزلُه وإِقامةُ غيرِه؛ لأنَّه لا تَصحُّ نيابَتُه؛ لأنَّ المَيتَ إنَّما أَوصَى إليه مُعتمِدًا على رأيِه وأَمانتِه وكِفايتِه في تَصرفاتِه، وهؤلاء ليسوا كذلك، أمَّا الفاسِقُ فلاتِّهامِه بالخِيانةِ، وأمَّا الكافِرُ فللعَداوةِ الدِّينيةِ الباعِثةِ له على تَركِ النَّظرِ للمُسلمِ، وأمَّا العَبدُ فلتَوقُّفِ تَصرُّفِه على


(١) «المغني» (٦/ ١٤٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>