للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مُقابِلِ الأصَحِّ: لا تَصحُّ الوَصيةُ له؛ لأنَّه يُقتلُ فلا مَعنى للوَصيةِ له كالوَقفِ عليه (١).

وقالَ الماوَرديُّ: وأمَّا الوَصيةُ للكافرِ فجائِزةٌ ذِميًّا كانَ أو حَربيًّا، وقالَ أَبو حَنيفةَ: الوَصيةُ للحَربيِّ باطِلةٌ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى أَباحَ للمُسلِمينَ أَموالَ المُشركينَ فلم يَجُزْ أنْ يُبيحَ للمُشركينَ أَموالَ المُسلِمينَ، وهذا فاسِدٌ من وَجهَينِ:

أَحدُهما: أنَّه لمَّا لم يَمنَعْ شِركَ الذِّميِّ لم يَمنَعْ شِركَ الحَربيِّ من الوَصيةِ كالنِّكاحِ.

والثاني: أنَّه لمَّا جازَت الهِبةُ للحَربيِّ وهو أَمضَى عَطيةً من الوَصيةِ كانَ أَولى أنْ تَجوزَ له الوَصيةُ، وسَواءٌ كانَ المُوصي مُسلمًا أو كافرًا (٢).

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : وتَصحُّ الوَصيةُ للحَربيِّ في دارِ الحَربِ، نَصَّ عليه أَحمدُ، وهو قَولُ مالِكٍ وأكثَرِ أَصحابِ الشافِعيِّ .

وقالَ بعضُهم: لا تَصحُّ. وهو قَولُ أَبي حَنيفةَ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ … ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [الممتحنة: ٨، ٩]، فيَدلُّ ذلك على أنَّ من قاتَلَنا لا يَحلُّ بِرُّه.


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧١)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٢٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧١)، و «تحفة المحتاج مع حواشي الشرواني» (٨/ ١٣٣)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٦/ ٥٦).
(٢) «الحاوي الكبير» (٨/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>