للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ في المُعتمَدِ: لا تَصحُّ الوَصيةُ للحَربيِّ؛ لأنَّ ذلك قَوةٌ لهم، ويَرجعُ ذلك مِيراثًا ولا يُجعلُ في صَدقةٍ ولا غيرِها (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وتَصحُّ الوَصيةُ للحَربيِّ ويُحتملُ ألَّا تَصحَّ؛ لأنَّه لا يَصحُّ الوَقفُ عليه (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وبعضُ المالِكيةِ كالقاضي عبدِ الوَهابِ إلى أنَّ الوَصيةَ تَصحُّ للحَربيِّ المُعيَّنِ كما تَصحُّ للذِّميِّ.

قالَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ: تَصحُّ الوَصيةُ لحَربيٍّ مُعيَّنٍ سَواءٌ أكانَ بدارِنا أم كانَ في دارِ الحَربِ بما له تَملُّكُه بأنْ يُوصَى له بغيرِ سِلاحٍ، فإنْ أَوصَى له بسِلاحٍ فلا تَصحُّ الوَصيةُ كبَيعِه له.

أمَّا إذا أَوصَى لمَن يُحاربُ فلا يَصحُّ قَطعًا، إنَّما تَصحُّ للحَربيِّ إذا قالَ: أَوصَيت لفُلانٍ، ولم يَزِدْ على هذا، وكانَ في الواقِعِ حَربيًّا، أمَّا لو قالَ: «أَوصَيت لزَيد الحَربيِّ أو الكافرِ أو المُرتدِّ» لم تَصحَّ؛ لأنَّ تَعليقَ الحُكمِ بمُشتَقٍّ يُؤذِنُ بعِلِّيةِ ما منه الاشتِقاقُ، فكأنَّه قالَ: «أَوصَيت لزَيدٍ لحِرابَتِه أو لكُفرِه أو لرِدَّتِه» تَفسُدُ الوَصيةُ؛ لأنَّه جعَلَ الكُفرَ حامِلًا على الوَصيةِ.


(١) «البيان والتحصيل» (١٢/ ٤٧٨)، و «المختصر الفقهي» (١٦/ ١١٢، ١١٣)، و «الذخيرة» (٧/ ١٤، ١٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٩٠)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧٠).
(٢) «الكافي» (٢/ ٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>