للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نذَرَتْ أنْ تَمشيَ إلى الكَعبةِ حافيةً ناشرةً شَعرَها، فقالَ له النَّبيُّ : «مُرْها فلتَركبْ وتُخمرْ رَأسَها ولتُهدِ هَديًّا» فأوجَبَ عليها الهَديَ لمَكانِ المَشي الذي نذَرَتْه وهو مِنْ الطَّاعاتِ فعجَزَتْ عنه كما يُؤمَرُ به مَنْ قصَّرَ في شَيءٍ مِنْ حَجِّه، وسكَتَ فيه عن الكَفارةِ لمَا نذَرَتْه مِنْ المَعصيةِ في كَشفِ رَأسِها، وأوجَبَ عليها في الحَديثِ الأَولِ الكَفارةَ لمَا نذرَته مِنْ المَعصيةِ في كَشفِ رَأسِها وسكَتَ عن وُجوبِ الهَدي عليها لعَجزِها عن المَشي» (١).

وقالَ المالِكيةُ: «مَنْ التزَمَ بالنَّذرِ ما لا يُطيقُه كانَ حرامًا عليه» (٢).

ولمْ أَقفْ لهم على قَولٍ بخُصوصِ إذا عجَزَ عنه ماذا عليه.

وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ : «مَنْ نذَرَ ما لا يُطيقُ أنْ يَعملَه بحالٍ؛ سقَطَ النَّذرُ عنه؛ لأنَّه لا يَملكُ أنْ يَعملَه فهو كما لا يَملكُ مما سِواه» (٣).

وقالَ الشافِعيةُ: مَنْ نذَرَ حَجًّا أو عُمرةً لزِمَه أنْ يَفعلَ ذلك بنَفسِه إنْ كانَ قادرًا على ذلك بنَفسِه، فإنْ كانَ عاجزًا عن الحَجِّ أو العُمرةِ بنَفسِه استنابَ مَنْ يَحجُّ عنه أو يَعتمرُ ولو بأُجرةٍ، كما يَجبُ عليه ذلك في حَجةِ الفَريضةِ إذا عجَزَ عن أَدائِها بنَفسِه استنابَ مَنْ يَحجُّ عنه.

ويَندبُ تَعجيلُه بالوَفاءِ بما نذَرَه، في أَولِ فُرصةٍ تَسنحُ له؛ مُبادرةً إلى بَراءةِ ذِمتِه.


(١) «المعتصر من المختصر من مشكل الآثار» (١/ ٢٦٢).
(٢) «مواهب الجليل» (٤/ ٤٦٣).
(٣) «الأم» (٧/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>