للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا يُخرَّجُ أيضًا النَّذرُ بذَبحِ الوَلدِ أنَّه يَصحُّ عندَ اَبي حَنيفةَ عليه الرَّحمةُ ومُحمدٌ ، ويَجبُ ذَبحُ الشَّاةِ لأنَّه إنْ عجَزَ عن تَحقيقِ القُربةِ بذَبحِ الوَلدِ حَقيقةً لمْ يَعجزْ عن تَحقيقِها بذَبحِه تَقديرًا بذَبحِ خَلفِه وهو الشاةُ كما في الشَّيخِ الفانِي إذا نذَرَ بالصَّومِ (١).

إلا أنَّي وجَدْتُ في كِتابِ «المُعتصَرِ من المُختصَرِ مِنْ مُشكلِ الآثارِ» للإِمامِ يُوسفَ المَلَطيِّ الحَنفيِّ: «ولو كانَ النَّذرُ مما يَصحُّ فِعلُه شَرعًا فعجَزَ عن ذلك لضَعفِه يَجبُ عليه الكَفارةُ كما يُؤمرُ الحالفُ بالكَفارةِ إذا حنِثَ فيها قالَ رَسولُ اللهِ : «كَفارةُ النَّذرِ كَفارةُ اليَمينِ» (٢).

على ما رَوى ابنُ عَباسٍ قالَ: «جاءَ رَجلٌ فقالَ يا رَسولَ اللهِ إنَّ أُختي نذَرَتْ أنْ تَحجَّ ماشيةً فقالَ: إنَّ اللهَ لا يَصنعُ بشَقاءِ أُختِكَ شَيئًا لتَحجَّ راكِبةً وتُكفِّرْ يَمينَها». ورَوى زيادةَ تَفسيرٍ فيه بيانُ المُوجِبِ للكَفارةِ، وهو ما رَوى عن عُقبةَ بنِ عامرٍ الجُهنيِّ: أنَّ أُختَه نذَرَتْ أنْ تَمشيَ إلى الكَعبةِ حافيةً غيرَ مُتخمِرةٍ فذكَرَ ذلك عُقبةُ لرَسولِ اللهِ فقالَ: «مُر أُختَكَ فلتَركبْ ولتَختمرْ ولتَصمْ ثَلاثةَ أَيامٍ» وكانَ كَشفُها وَجهَها حَرامًا فأمَرَها رَسولُ اللهِ بالكَفارةِ لمَنعِ الشَّريعةِ إيَّاها منه، وهو على ما زادَه بعضُ الرُّواةِ مِنْ قَولِه: «ويُكفِّرُ يَمينَه فيمَن نذَرَ أنْ يَعصيَ اللهَ». وعليها معَ ذلك الهَديُ لرُكوبِها فيما نذَرَتْ مِنْ المَشي، يُبينُ ذلك أنَّ الحَديثَ قد رُويَ مِنْ رِوايةِ ابنِ عباسٍ عن عُقبةَ: «أنَّه أَتى النَّبيَّ فأخبَرَه أنَّ أُختَه


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٩١).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>