للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمُقتضى الوَجهينِ ولمْ يَجزْ إِهدارُ أَحدِهما فلزِمَ التَّخييرُ المُوجبُ للتَّخفيفِ بالضَّرورةِ فتدبرْ» اه (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ الهُمامِ : و «إنْ علَّقَ النَّذرَ بشَرطٍ فوُجدَ الشَّرطُ فعليه الوَفاءُ بنَفسِ النَّذرِ لإِطلاقِ الحَديثِ الذي رَويناه مِنْ البُخاريِّ وغيرِه، فإنَّه أمَرَ بذلك مِنْ غيرِ تَقييدٍ بمُنجزٍ ولا مُعلَّقٍ، ولأنَّ المُعلَّقَ بالشَّرطِ كالمُنجزِ عندَه فصارَ كأنَّه قالَ عندَ الشَّرطِ للهِ عليَّ كذا.

وعن أَبي حَنيفةَ أنَّه رجِعَ عنه أيْ عن لُزومِ عَينِ المَنذورِ إذا كانَ مُعلَّقًا بالشَّرطِ، أيْ أنَّه مُخيَّرٌ بينَ فِعلِه بعَينِه وكَفارةِ يَمينٍ، وهو قَولُ مُحمدٍ، فإذا قالَ: «إنْ فعلْتُ كذا فعليَّ حَجةٌ أو صَومُ سَنةٍ» إنْ شاءَ حجَّ أو صامَ سَنةً، وإنْ شاءَ كفَّرَ فإنْ كانَ فَقيرًا صارَ مُخيَّرًا بينَ صَومِ سَنةٍ وصَومِ ثَلاثةِ أَيامٍ.

والأولُ -وهو لُزومُ الوَفاءُ به عَينًا- هو المَذكورُ فى ظاهرِ الرِّوايةِ، والتَّخييرُ عن أَبي حَنيفةَ في النَّوادرِ، ورُويَ عن عبدِ العَزيزِ بنِ خالدٍ التِّرمذيِّ قالَ: «خرجْتُ حاجًّا فلمَّا دخلْتُ الكُوفةَ قرأْتُ كِتابَ النُّذورِ والكَفاراتِ على أَبي حَنيفةَ، فلمَّا انتهيْتُ إلى هذه المَسألةِ قالَ: قفْ فإنَّ مِنْ رَأيي أنْ أَرجعَ، فلمَّا رجعْتُ مِنْ الحَجِّ إذا أَبو حَنيفةَ قد تُوفِّي، فأخبَرَنى الوَليدُ بنُ أَبانَ أنَّه رجَعَ قبلَ مَوتِه بسَبعةِ أَيامٍ، وقالَ: يَتخيرُ. وبهذا كانَ يُفتي إِسماعيلُ الزاهدُ. وقالَ الوَلوَالجي: «مَشايخُ بلخَ وبُخارى يُفتونَ بهذا، وهو اختِيارُ شَمسِ الأَئمةِ، قالَ: لكَثرةِ البَلوى في هذا الزَّمانِ».


(١) «حاشية ابن عابدين على الدر المختار» (٣/ ٧٣٨، ٧٣٩)، وينظر: «شرح فتح القدير» (٥/ ٩٣، ٩٤)، و «درر الحكام» (٥/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>