للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنهى عن أَخذِ الِعوضِ على القَضاءِ؛ لأنَّ ذلك أَبلغُ في المَهابةِ وأَدعى للنُفوسِ إلى اعتقادِ التَّعظيمِ والجَلالةِ، وإنْ كانَ القَضاءُ لمْ يَتعينْ عليه وهو مُحتاجٌ إلى طَلبِ الرِّزقِ مِنْ بَيتِ المالِ ساغَ له أَخذُ ذلك»، ومِن مُفيدِ الحُكامِ: قالَ أَصبغُ: «ولا يَنبغي له أنْ يَأخذَ رِزقَه إلا مِنْ الخُمسِ أو مِنْ الجِزيةِ أو مِنْ عُشورِ أَهلِ الذِّمةِ» (١).

وقالَ الإِمامُ العِمرانِيُّ : «وأمَّا أَخذُ الرِّزقِ على القَضاءِ فيُنظرُ فيه:

فإنْ كانَ قد تعيَّنَ عليه القَضاءُ، فإنْ كانَ له كِفايةٌ لمْ يَجزْ له أَخذُ الرِّزقِ عليه؛ لأنَّه فَرضٌ توَجَّه عليه، فلا يَجوزُ له أَخذُ الرِّزقِ عليه معَ الاستغناءِ عنه. وإنْ لمْ يَكنْ له كِفايةٌ أو كانَ مُكتسِبًا وإذا اشتغَلَ بالقَضاءِ تعطَّلَ عليه الكَسبُ جازَ له أَخذُ الرِّزقِ عليه؛ لأنَّه إذا اشتغَلَ بالقَضاءِ بطَلَ عليه كَسبُه وذهَبَ مَعاشُه.

وإنْ لمْ يَتعينْ عليه القَضاءُ، فإنْ كانَتْ له كِفايةٌ فالمُستحبُّ له ألَّا يَأخذَ عليه رِزقًا؛ لأنَّه قُربةٌ في حقِّه، فكُرهَ له أَخذُ العِوضِ عليه، وإنْ أخَذَ الرِّزقَ عليه جازَ؛ لمَا رُويَ: «أنَّ أَبا بَكرٍ لمَا ولِيَ الخِلافةَ خرَجَ إلى السُّوقِ برِزمةِ ثيابٍ، فقالُوا: ما هذا؟ فقالَ: أنا كاسبُ أَهلي، فقالُوا: لا يَصلحُ هذا معَ الخِلافةِ، فاجتمَعَتِ الصَّحابةُ وقدَّرُوا له كلَّ يَومٍ دِرهمينِ مِنْ بَيتِ المالِ». ورُويَ: «أنَّ الصَّحابةَ -جعَلُوا له كلَّ يَومٍ شاتينِ؛ شاةً لغَدائِه وشاةً لعَشائِه، وأَلفَ دِرهمٍ في كلِّ سنةٍ، فلمَا ولِيَ عُمرُ قالَ:


(١) «تبصرة الحكام» (١/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>