للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَكفيني ذلك، فأضعَفُوا له ذلك». وإذا ثبَتَ ذلك في الإِمامةِ كانَ في القَضاءِ مثلُه؛ لأنَّهما في مَعنًى واحدٍ.

ورُويَ: أنَّ عُمرَ قالَ: «أنزَلْتُ نَفسي من هذا المالِ بمَنزلةِ وَليِّ اليَتيمِ: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦]».

ورُويَ: «أنَّ عُمرَ بعَثَ إلى الكُوفةِ عَمارَ بنَ ياسرٍ واليًا، وعَبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ قاضيًا، وعُثمانَ بنَ حُنيفٍ ماسحًا، وفرَضَ لهم كلَّ يومٍ شاةً؛ نِصفُها وأَطرافُها لعمارٍ، والنصفُ الآخرُ بينَ عَبدِ اللهِ وعُثمانَ، وقالَ: إنَّ بَلدًا يَخرجُ منها كلَّ يَومٍ شاةٌ لسَريعٌ خَرابُها»، «ولمَّا وَلى عُمرُ شُريحًا القَضاءَ أَجرى له كلَّ شَهرٍ مائةَ دِرهمٍ»، «ولمَّا وَلاه عليٌّ أَجرى له ذلك». ولأنَّ مالَ بَيتِ المالِ للمَصالحِ، وهذا مِنْ المَصالحِ.

ولا يَكونُ ما يَأخذُه القاضِي أُجرةً، وإنما هو رِزقٌ، كالذي يَأخذُه الإِمامُ والمُؤذِّنُ.

وإنْ عقَدَ الإِجارةَ على القَضاءِ لمْ يَصحَّ؛ لأنَّه عَملٌ غيرُ مَعلومٍ.

وإنْ وجَدَ الإِمامُ مَنْ يَتطوعُ للقَضاءِ مِنْ غيرِ رِزقٍ يَأخذُه لمْ يُولِّ القَضاءَ مَنْ يَطلبُ الرِّزقَ. ويَدفعُ إلى القاضِي معَ رِزقِه شَيءٌ للقَراطيسِ التي يَكتبُ بها المَحاضرَ والسِّجلاتِ مِنْ بَيتِ المالِ؛ لأنَّ ذلك مِنْ المَصالحِ. فإنْ لمْ يَكنْ في بَيتِ المالِ شَيءٌ، أو كانَ وهناك ما هو أَهمُّ منه يُحتاجُ إليه لذلك، قالَ القاضِي لمَن ثبَتَ له الحقُّ: إنِ اخترَتْ أنْ تَأتيَ بكاغدٍ أَكتبُ لك ذلك فافعلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>