وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀:«وأمَّا كَمالُ الخِلقةِ فأنْ يَكونَ مُتكلِّمًا سَميعًا بَصيرًا؛ لأنَّ الأَخرسَ لا يُمكنُه النُّطقُ بالحُكمِ ولا يَفهمُ جَميعَ الناسِ إِشارتَه، والأَصمُّ لا يَسمعُ قَولَ الخَصمينِ، والأَعمى لا يَعرفُ المُدَّعِيَ مِنْ المُدَّعَى عليه والمُقِرَّ له مِنْ المُقَرِّ والشاهدَ مِنْ المَشهودِ له، وقالَ بعضُ أَصحابِ الشافِعيِّ يَجوزُ أنْ يَكونَ أَعمى؛ لأنَّ شُعيبًا كانَ أَعمى، ولهم في الأَخرسِ الذي تُفهمُ إِشارتُه وَجهانِ:
ولنا: أنَّ هذه الحَواسَّ تُؤثِّرُ في الشَّهادةِ فيَمنعُ فَقدُها وِلايةَ القَضاءِ كالسَّمعِ؛ وهذا لأنَّ مَنصبَ الشَّهادةِ دونَ مَنصبِ القَضاءِ، والشاهدُ يَشهدُ في أَشياءَ يَسيرةٍ يَحتاجُ إليها فيها، وربما أحاطَ بحَقيقةِ عِلمِها، والقاضِي وِلايتُه عامَّةٌ ويَحكمُ في قَضايا الناسِ عامَّةً، فإذا لمْ يُقبلْ منه الشَّهادةُ فالقَضاءُ أَولى، وما ذكَرُوه عن شُعيبٍ فلا نُسلمُ فيه فإنَّه لمْ يَثبتْ أنَّه كانَ أَعمى، ولو ثبَتَ فيه ذلك فلا يَلزمُ ها هنا، فإنَّ شُعيبًا ﵇ كانَ مَنْ آمنَ معَه مِنْ الناسِ قَليلًا، وربما لا يَحتاجونَ إلى حَكمٍ بينهم لقِلتِهم وتَناصفِهم فلا يَكونُ حُجةً في مَسألتِنا» (١).
وقالَ الإِمامُ الماوَرديُّ ﵀: «وأمَّا كَمالُ الخِلقةِ فتُعتبَرُ سَلامتُه فيها في ثَلاثةِ أَوصافٍ: