للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكَمَ فيه وإنْ وافَقَ الحَقَّ وهو الصَّحيحُ، أو يَمضي إذا وافَقَ الحَقَّ ووَجهَ الحُكمِ» (١).

لكنْ عكَسَ هذا القَولَ الإِمامُ القَرافِيُّ فقالَ: «والصَّحيحُ نُفوذُ حُكمِ الفاسقِ إذا وافَقَ الحَقَّ، وقيلَ يُردُّ» (٢).

ومَذهبُ الشافِعيةِ كما قالَ الماوَرديُّ وغيرُه إنَّه لا يَنفذُ حُكمُه ولا يَصحُّ تَقليدُه (٣).

لكنْ قالَ الإِمامُ النَّوويُّ : «قالَ في الوَسيطِ لكنَّ اجتِماعَ هذه الشُّروطِ مُتعذِّرٌ في عَصرِنا لخُلوِّ العَصرِ عن المُجتهدِ المُستقلِّ، فالوَجهُ تَنفيذُ قَضاءِ كلِّ مَنْ ولَّاه سُلطانٌ ذو شَوكةٍ وإنْ كانَ جاهلًا أو فاسقًا؛ لئلَّا تَتعطلَ مَصالحُ الناسِ، ويُؤيِّدُه أنَّا نُنفذُ قَضاءَ قاضِي البُغاةِ لمثلِ هذه الضَّرورةِ، وهذا حَسنٌ» (٤).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ العَدالةَ ليسَتْ بشَرطٍ لجَوازِ تَقليدِ القَضاءِ، لكنَّها شَرطُ الكَمالِ؛ لأنَّ السَّلفَ أجازوا حُكمَ مَنْ تغلَّبَ مِنْ الأُمراءِ وجارَ، ولولا صِحتُه لما فعَلُوا ذلك، فيَجوزُ تَقليدُ الفاسقِ وتَنفذُ قَضاياه إذا لمْ يُجاوزْ فيها حَدَّ الشَّرعِ؛ لأنَّه مِنْ أَهلِ الشَّهادِة فيَكونُ مِنْ أَهلِ القَضاءِ.

لكنْ لا يَنبغي أنْ يُقلدَ الفاسقَ، ويَأثمُ مُقلِّدُه؛ لأنَّ القَضاءَ أَمانةٌ عَظيمةٌ،


(١) «تبصرة الحكام» (١/ ٢١).
(٢) «الذخيرة» (١٠/ ١٩).
(٣) «الحاوي الكبير» (١٦/ ١٥٨، ١٥٩)، و «الأحكام السلطانية» ص (٧٣).
(٤) «روضة الطالبين» (٧/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>