للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُستعمِلًا لمُروءةِ مثلِه في دينِه ودُنياه، فإذا تكامَلَتْ فيه فهي العَدالةُ التي تَجوزُ بها شَهادتُه، وتَصحُّ معَها وِلايتُه، وإنِ انخرَمَ منها وَصفٌ مُنعَ مِنْ الشَّهادةِ والوِلايةِ فلم يُسمعْ له قَولٌ ولمْ يَنفذْ له حُكمٌ.

وعلى هذا فلا يَجوزُ تَوليةُ الفاسقِ، وإذا تَولى وهو عَدلٌ ثُم فسَقَ بطَلَتْ وِلايتُه؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: ٦] فمنَعَ اللهُ تَعالى مِنْ قَبولِ قَولِه، فكانَ أَولى أنْ يُمنعَ مِنْ نُفوذِ قَولِه.

ولأنَّ اللهَ تَعالى لمَّا جعَلَ العَدالةَ شَرطًا في الشَّهادةِ كانَ أَولى أنْ تَكونَ شَرطًا في القَضاءِ.

ولأنَّ اللهَ تَعالى شرَطَ العَدالةَ في أَقلِّ الحُكوماتِ فقالَ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾.

ولأنَّ القَضاءَ يَتضمنُ الوِلايةَ في التَّزويجِ والنَّظرِ في أَموالِ السُّفهاءِ واليَتامى والوُقوفِ، والفِسقُ يُنافي هذه الوِلاياتِ، فلمْ يَنعقدْ معَه القَضاءُ (١).

إلا إنَّهم اختلَفُوا هل يَنفذُ حُكمُه إذا وافَقَ الحَقَّ أم لا؟

فقالَ القاضِي عياضٌ: «وفي الفاسقِ خِلافٌ بينَ أَصحابِنا هل يُردُّ ما


(١) «التاج والإكليل» (٥/ ٥٢)، و «المختصر الفقهي» (١٣/ ٢٤٦، ٢٤٧)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٥٢)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣)، و «الحاوي الكبير» (١٦/ ١٥٨، ١٥٩)، و «الأحكام السلطانية ص» (٧٣)، و «البيان» (١٣/ ٢٠)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ١٤٤)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٨٨)، و «المغني» (١٠/ ٩٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٧٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٥٧)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>