للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي أَمانةُ الأَموالِ والأَبضاعِ والنُّفوسِ فلا يَقومُ بوَفائِها إلا مَنْ كمُلَ وَرعُه وتمَّت تَقواه، إلا أنَّه معَ هذا لو قُلدَ جازَ التَّقليدُ في نَفسِه وصارَ قاضيًا؛ لأنَّ الفَسادَ لمَعنى في غيرِه فلا يَمنعُ جَوازَ تَقليدِه القَضاءَ في نَفسِه.

ولو قُلدَ وهو عَدلٌ ثم فسَقَ يَستحقُّ العَزل ولكنْ لا يَنعزلُ به، وبه أخَذَ عامةُ المَشايخِ، ويَجبُ على السُّلطانِ أنْ يَعزلَه ولو شرَطَ السُّلطانُ أنَّه متى فسَقَ يَنعزلُ انعزَلَ (١).

وجاءَ في «الدُّرِّ المُختارِ»: «(والفاسقُ أَهلُها فيَكونُ أَهلُه لكنَّه لا يُقلَّدُ) وجوبًا ويَأثمُ مُقلِّدُه كقابلِ شَهادتِه به يُفتَى، وقيَّدَه في القاعديةِ بما إذا غلَبَ على ظَنِّه صِدقَه فليَحفظْ دُررٌ.

واستَثنى الثانِي الفاسقَ ذا الجاهِ والمُروءةِ فإنَّه يَجبُ قَبولُ شَهادتِه بَزَّزايَّةٌ.

قالَ في النهرِ: وعليه فلا يَأثمُ أيضًا بتَوليتِه القَضاءَ؛ حيثُ كانَ كذلك إلا أنْ يُفرقَ بينهما» انتهى.

قالَ الإِمامُ ابنُ عابدينَ : «قَولُه: (والفاسقُ أهلُها) سيَأتي بَيانُ الفِسقِ والعَدالةِ في الشَّهاداتِ، وأفصَحَ بهذه الجُملةِ دفعًا لتوهُّمِ مَنْ قالَ: «إنَّ الفاسقَ ليسَ بأهلٍ للقضاءِ، فلا يَصحُّ قَضاؤُه؛ لأنَّه لا يُؤمنُ عليه لفِسقِه» وهو قَولُ الثَّلاثةِ، واختارَه الطَّحاويُّ.


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٣٠٧)، و «الدر المختار» (٥/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>