للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإمَّا أنْ يَتصرَّفَ تَصرُّفاتٍ ليسَ لها عَلاقةٌ بالمالِ؛ كالطَّلاقِ والظِّهارِ والإِيلاءِ والإِقرارِ بحَدٍّ أو قِصاصٍ، فيَصِحَّ منه هذا عندَ عامةِ الفُقهاءِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : المَحجورُ عليه لفَلسٍ أو سَفهٍ إذا أقَرَّ بما يُوجِبُ حَدًّا أو قِصاصًا؛ كالزِّنا والسَّرِقةِ والشُّربِ والقَذفِ والقَتلِ العَمدِ أو قَطعِ اليَدِ وما أشبَهَها؛ فإنَّ ذلك مَقبولٌ ويَلزَمُه حُكمُ ذلك في الحالِ، لا نَعلَمُ في هذا خِلافًا.

قالَ ابنُ المُنذِرِ : أجمَعَ كُلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ إِقرارَ المَحجورِ عليه على نَفسِه جائِزٌ إذا كانَ إِقرارُه بزِنًا أو سَرِقةٍ أو شُربِ خَمرٍ أو قَذفٍ أو قَتلٍ، وإنَّ الحُدودَ تُقامُ عليه، وهذا قَولُ الشافِعيِّ، وأبي ثَورٍ، وأَصحابِ الرَّأيِ، ولا أحفَظُ عن غَيرِهم خِلافًا لقَولِهِم (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وذلك لأنَّه غيرُ مُتَّهمٍ في حَقِّ نَفسِه، والحَجرُ إنَّما تَعلَّقَ بمالِه فقُبِلَ إِقرارُه على نَفسِه بما لا يَتعلَّقُ بالمالِ، وإنْ طلَّقَ زَوجَتَه نفَذَ طَلاقُه في قَولِ أكثَرِ أهلِ العِلمِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ ليسَ بتَصرُّفٍ في المالِ ولا يَجري مَجراه فلا يُمنَعُ منه؛ كالإِقرارِ بالحَدِّ والقِصاصِ، ودَليلُ أنَّه لا يَجري مَجرى المالِ أنَّه يَصحُّ مِنْ العَبدِ بغَيرِ إذنِ سَيِّدِه مع مَنعِه مِنْ التَّصرُّفِ في المالِ ولا يَملِكُ بالمِيراثِ، ولأنَّه مُكلَّفٌ طلَّقَ امرَأتَه مُختارًا فوقَعَ طَلاقُه كالعَبدِ والمُكاتَبِ (٢).


(١) «الإشراف» (٦/ ٢٣٤)، و «الإجماع» (٥٣٨).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>