وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ: قالَ: والإِقرارُ بدَينٍ في مَرَضِ مَوتِه كالإِقرارِ في الصِّحةِ إذا كانَ لغَيرِ وارِثٍ.
هذا ظاهِرُ المَذهبِ وهو قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، قالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ كُلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ إِقرارَ المَريضِ في مَرضِه لغَيرِ الوارِثِ جائِزٌ، وحَكى أَصحابُنا رِوايةً أُخرى أنَّه لا يُقبَلُ؛ لأنَّه إِقرارٌ في مَرضِ المَوتِ أشبَهَ الإِقرارَ لوارِثٍ، وقالَ أَبو الخَطّابِ: فيه رِوايةٌ أُخرى أنَّه لا يُقبَلُ إِقرارُه بزِيادةٍ على الثُّلثِ؛ لأنَّه مَمنوعٌ مِنْ عَطيةِ ذلك لأجنَبيٍّ كما هو مَمنوعٌ مِنْ عَطيةِ الوارِثِ، فلا يَصحُّ إِقرارُه بما لا يَملِكُ عَطيتَه بخِلافِ الثُّلُثِ فما دونَ.
ولنا: أنَّه إِقرارٌ غيرُ مُتَّهمٍ فيه، فقُبِلَ كالإِقرارِ في الصِّحةِ يُحقِّقُه أنَّ حالةَ المَرضِ أقرَبُ إلى الاحتِياطِ لنَفسِه وإِبراءِ ذمَّتِه وتَحرِّي الصِّدقِ، فكانَ أوْلَى بالقَبولِ، وفارَقَ الإِقرارَ للوارِثِ؛ لأنَّه مُتَّهمٌ فيه على ما سنَذكرُه.
فَصلٌ: فإن أقَرَّ لأجنَبيٍّ بدَينٍ في مَرضِه وعليه دَينٌ ثبَتَ ببَيِّنةٍ أو إِقرارٍ في صِحَّتِه وفي المالِ سَعةٌ لهما سَواءٌ، وإن ضاقَ عن قَضائِهما فظاهِرُ كَلامِ الخِرَقيِّ أنَّهما سَواءٌ، وهو اختِيارُ التَّميميِّ وبه قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وذكَرَ أبو عُبَيدٍ أنَّه قَولُ أكَثرِ أهلِ المَدينةِ لأنَّهما حَقّانِ يَجبُ قَضاؤُهما مِنْ رَأسِ المالِ لم يَختَصَّ أحَدُهما بَرهنٍ فاستَوَيا كما لو ثَبَتا ببَيِّنةٍ.