شَهادةُ الإِناثِ كما تُقبلُ شَهادةُ الذُّكورِ وأنْ تُقبلَ شَهادةُ الواحِدِ كما تُقبلُ شَهادةُ الجَماعةِ، فإذا اعتُبِرَ العَددُ في ذلك وما يَجبُ اعتِبارُه في الشَّهادةِ مِنْ اختِصاصِها في الجِراحِ بالذُّكورِ دونَ الإِناثِ فواجِبٌ أنْ يُستَوفَى لها سائِرُ شُروطِها من البُلوغِ والعَدالةِ، ومن حيثُ أَجازوا شَهادةَ بعضِهم على بعضٍ فواجِبٌ إِجازتُها على الرِّجالِ؛ لأنَّ شَهادةَ بعضِهم على بعضٍ ليسَت بآكَدَ منها على الرِّجالِ؛ إذ هُمْ في حُكمِ المُسلِمينَ عندَ قائِلِ هذا القَولِ.
ولأنَّ اللهَ ﷾ أمَرَنا بأنْ نَقبَلَ شَهادةَ مَنْ نَرضَى من الشُّهداءِ، وهؤلاءِ ليسوا ممَّن نَرضَى مِنْ الشُّهداءِ وإنَّما أمَرَنا اللهُ ﷿ بأنْ نَقبلَ شَهادةَ مَنْ نَرضَى، ومَن قبِلْنا شَهادتَه قبِلْناها حين يَشهَدُ بها في المَوقفِ الذي يَشهدُ بها فيه، وبعدَه وفي كلِّ حالٍ.
ولأنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ:«رُفعَ القَلمُ عن ثَلاثةٍ، عن الصَّبيِّ حتى يَحتلِمَ، وعن النائِمِ حتى يَنتبِهَ، وعن المَجنونِ حتى يُفيقَ»(١). فلمَّا كانَ القَلمُ مَرفوعًا عنه في حَقِّ نَفسِه إذا أقَرَّ، كانَ أَولَى أنْ يُرفَعَ في حَقِّ غيرِه، إذا شهِدَ.
ولأنَّ الشَّهادةَ في الأَموالِ أخَفُّ منها في الدِّماءِ، وهي غيرُ مَقبولةٍ منهم في الأَموالِ، فأَولَى ألَّا تُقبلَ في الدِّماءِ.
ولأنَّه لو جازَ لأجْلِ اعتِزالِهم عن الرِّجالِ أنْ تُقبلَ شَهادةُ بعضِهم على بعضٍ، لجازَ لأجْلِ اجتِماعِ النِّساءِ في الحَمَّاماتِ والأَعراسِ، أنْ تُقبلَ شَهادةُ بعضِهِنَّ على بعضٍ، وهي لا تُقبلُ معَ الضَّرورةِ معَ جَوازِ قَبولِهنَّ معَ الرِّجالِ