وجاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: قُلتُ: أرأيتَ قَولَ مالِكٍ: يَجوزُ شَهادةُ الصِّبيانِ بعضِهم على بعضٍ ما لم يَتفرَّقوا أو يَدخُلْ بينَهم كَبيرٌ أو يُخبَّبوا في أيِّ شَيءٍ كانَ ذلك؟ (فقالَ) في الجِراحاتِ والقَتلِ: إذا شهِدَ فيه اثنانِ فصاعِدًا قبلَ أنْ يَتفرَّقا، وكانَ ذلك صِبيانٌ كلُّهم، ولا تَجوزُ فيه شَهادةُ واحِدٍ، ولا تَجوزُ شَهادةُ الإِناثِ أيضًا من الصِّبيانِ في الجِراحاتِ فيما بينَهم، ولا تَجوزُ شَهادةُ الصِّبيانِ لكَبيرٍ إنْ كانوا شَهِدوا له على صَبيٍّ أو على كَبيرٍ، وليسَ في الصِّبيانِ قَسامةٌ فيما بينَهم من بعضِهم لبعضٍ إلا أنْ يَقتلَ رَجلٌ كَبيرٌ صَبيًّا ويَشهدَ رَجلٌ على قَتلِه فتَكونَ القَسامةُ على ما يَشهدُ به الشاهِدُ من عَمدٍ أو خَطإٍ.
(قالَ سحنُونٌ): وقد قالَ غيرُ واحِدٍ من كِبارِ أَصحابِ مالِكٍ أنَّه لا تَجوزُ شَهادتُهم في القَتلِ ولا تَجوزُ شَهادةُ الإِناثِ، وقد قالَ كَبيرٌ من أَصحابِ مالِكٍ، وهو المَخزوميُّ أنَّ الإِناثَ يُجَزْنَ، وأنَّ شَهادةَ الصِّبيانِ في القَتلِ جائِزةٌ.
(قالَ سحنُونٌ): قالَ ابنُ نافِعٍ وغيرُه في الصَّبيِّ يَشهدُ عليه صِبيانٌ أنَّه ضرَبَ صَبيًّا أو جرَحَه ثم نَزا في جُرحِه فماتَ، فإنَّ أَولياءَ الدَّمِ يُقسِمونَ: لمِن ضَربِه ماتَ ويَستحِقُّونَ الدِّيةَ (وذكَرَ ابنُ وَهبٍ) أنَّ علِيَّ بنَ أَبي طالِبٍ وشُرَيحًا وعبدَ اللهِ وعُروةَ بنَ الزُّبَيرِ وابنَ قُسَيطٍ وأَبا بَكرِ بنَ حَزمٍ ورَبيعةَ كانوا يُجيزونَ شَهادةَ الصِّبيانِ فيما بينَهم ما لم يَتفرَّقوا ويَنقَلِبوا إلى أَهليهم أو يَختَلِفوا، ويُؤخَذُ بأولِ أَقوالِهم (١).