للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتعاطَوْنه مِنْ ذلك، وقد يَكونُ بينَهم الجِراحُ، وذلك غيرُ صَحيحٍ؛ لأنَّ أحدًا لا يَمنعُه؛ أو أنْ يُجيزَه فتَنهدِرَ دِماؤُهم، فذلك أيضًا غيرُ صَحيحٍ، وأنْ يَحضُرَ معهم رِجالٌ يَحفَظونَهم، وفي ذلك ضيقٌ ومَشقةٌ، وأنْ يُؤخَذوا بأنْ يَفعَلوا مِنْ ذلك ما لا يُؤدِّي إلى جِراحٍ ولا قَتلٍ، فذلك ما لا يَنضبِطُ للبالِغينَ فَضلًا على الصِّبيانِ، فلمَّا بطَلَ كلُّ هذا وجَبَ قَبولُ شَهادتِهم، ولا يَلزمُ على هذا تَخريقُ الثِّيابِ ولا غيرُه؛ لأنَّ الأَموالَ أخفَضُ رُتبةً مِنْ الدِّماءِ، كما لم يُحكَمْ فيها بالقَسامةِ معَ اللَّوثِ، ولأنَّه إذا تَفرَّقوا خُبِّبوا ولُقِّنوا وتَعلَّموا الكَذبَ (١).

ورَوى الإِمامُ مالِكٌ عن هِشامِ بنِ عُروةَ «أنَّ عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ كانَ يَقضي بشَهادةِ الصِّبيانِ فيما بينَهم من الجِراحِ».

قالَ مالِكٌ: الأمْرُ المُجمَعُ عليه عندَنا أنَّ شَهادةَ الصِّبيانِ تَجوزُ فيما بينَهم من الجِراحِ، ولا تَجوزُ على غيرِهم، وإنَّما تَجوزُ شَهادَتُهم فيما بينَهم من الجِراحِ وَحدَها، ولا تَجوزُ في غيرِ ذلك إذا كانَ ذلك قبلَ أنْ يَتفرَّقوا أو يُخبَّبوا أو يُعلَّموا؛ فإنِ افتَرَقوا فلا شَهادةَ لهم، إلا أنْ يَكونوا قد أشهَدوا العُدولَ على شَهادَتِهم قبلَ أنْ يَفتَرِقوا (٢).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ٤١، ٤٣)، رقم (١٨٠٧)، و «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٥١، ٥٢)، و «الكافي» ص (٤٧٠، ٤٧١)، و «الاستذكار» (٧/ ١٢٤، ١٢٦)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٣٤٦، ٣٤٧)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٣٩١)، و «القوانين الفقهية» ص (٢٠٢)، و «الكافي» (٤/ ٥٢١)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٩٩).
(٢) «الموطأ» (٢/ ٧٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>