للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِعلِ عُمرَ في تَحصيلِ الديَةِ لعَاقلتِه أنه لم يَكنْ في بيتِ المالِ مالٌ فعادَ إلى عاقلتِه، كما أنَّ مَنْ وجَبَتِ الديَةُ على عاقلتِه إذا عَدِموا جُعلَتْ في بيتِ المالِ (١).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ مَنْ وجَبَ عليه الحَدُّ فجلَدَه الإمامُ أو جلَّادُه الحَدَّ الشرعيَّ فماتَ فلا ديَةَ فيه ولا كفَّارةَ، لا على الإمامِ ولا على جلَّادِه ولا في بيتِ المالِ.

وأما مَنْ ماتَ مِنْ التَّعزيرِ فمَذهبُنا وُجوبُ ضَمانِه بالديَةِ والكفَّارةِ، وفي مَحلِّ ضَمانِه قَولانِ للشافِعيِّ:

أصَحُّهما: تَجبُ ديَتُه على عاقِلةِ الإمامِ والكفَّارةُ في مالِ الإمامِ.

والثَّاني: تَجبُ الديَةُ في بيتِ المالِ، وفي الكفَّارةِ على هذا وَجهانِ لأصحابِنا: أحَدُهما: في بيتِ المالِ أيضًا، والثاني: في مالِ الإمامِ، هذا مَذهبُنا.

وقالَ جَماهيرُ العُلماءِ: لا ضَمانَ فيه لا على الإمامِ ولا على عاقِلتِه ولا في بيتِ المالِ، واللهُ أعلَمُ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وإذا ماتَ مِنْ التَّعزيرِ لم يَجبْ ضَمانُه، وبهذا قالَ مالِكٌ وأبو حَنيفةَ، وقالَ الشافِعيُّ: يَضمنُه؛ لقَولِ عليٍّ: «ليسَ أحَدٌ أقيمَ عليه الحَدُّ فيَموتُ فأَجدُ في نفسِي شيئًا، إنَّ الحَقَّ قتَلَه، إلا حَدَّ الخَمرِ؛ فإنَّ رَسولَ اللهِ لم يَسُنَّه لنا»، «وأشارَ على عُمرَ بضَمانِ التي أجهَضَتْ جَنينَها حينَ أرسَلَ إليها».


(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٤٣٥، ٤٣٦).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٢٢١)، و «البيان» (١٢/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>