للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأةٍ في شَيءٍ بلَغَه عنها رَسولًا فأسقَطَتْ، فقالَ لعُثمانَ وعبدِ الرَّحمنِ: ما تَقولانِ؟ فقالا: لا شيءَ عليكَ وإنما أنتَ مُؤدِّبٌ، فأقبَلَ على عليٍّ فقالَ: ما تقولُ؟ فقالَ: إنْ كانَا ما اجتَهدَا فقدْ غَشَّا، وإنْ كانَا قد اجتَهدَا فقدْ أخطَأَا، عليكَ الدِّيةُ، فقالَ: عَزمْتُ عليكَ لا تَبرحُ حتى تَضربَها على قَومِكَ، يعني: على قُريشٍ؛ لأنهُم عاقِلتُه».

ورُويَ عن عليٍّ أنه قالَ: «ما أحَدٌ أُقيمَ عليه الحدُّ فيَموتُ فأَجِدُ في نفسِي منه شيئًا، الحَقُّ قتَلَه، إلا شارِبَ الخَمرِ؛ فإنه رَأيٌ رَأيْناهُ بعدَ رسولِ اللهِ ، فمَن ماتَ منه فَديتُه على عاقِلةِ الإمامِ، أو قالَ: في بَيتِ المالِ»، يعني: فيما زادَ على الأربَعينَ الذي رآهُ للمَصلحةِ اختيارًا، وتلكَ الزِّيادةُ تَعزيرٌ، ولأنه ضَربٌ غيرُ مَحدودِ الطَّرفينِ على فِعلٍ مُتقدِّمٍ، فوجَبَ أنْ يَتعلقَ به الضمانُ عندَ التلفِ كضَربِ الزوجِ والمعلِّمِ، ولا يَدخلُ عليه مَنْ دفَعَ إنسانًا عن نفسِه أو مالِه؛ لأنه ليسَ على فِعلِ مُتقدمٍ، فأمَّا الحُدودُ الواجِبةُ فلا يَتعلقُ بها ضَمانٌ؛ لِمَا عليه مِنْ استيفائِها، وإنَّ الضمانَ يَمنعُ الإقدامَ عليها، فإذا ثبَتَ وُجوبُ الضمانِ مِنْ التَّعزيرِ فعَلى مَنْ تكونُ الديَةُ؟ على قَولينِ:

أحَدُهما: على عاقِلةِ الإمامِ؛ لحَديثِ عُمرَ وقولِه لعَليٍّ: «عَزمْتُ عليكَ لا تَبرحُ حتى تَضربَها على قَومِكَ»، فعلى هذا تَكونُ الكفَّارةُ في مالِه.

والقَولُ الثاني: أنَّ الديَةَ في بيتِ المالِ؛ لأنه نائبٌ فيه عن كافَّةِ المُسلمينَ، فاقتَضَى أنْ يكونَ ما حدَثَ عنه مِنْ الضمانِ في بيتِ مالِهم، فعلى هذا في الكفَّارةِ وَجهانِ: أحَدُهما: في بيتِ المالِ أيضًا، والثَّاني: في مالِه، ويكونُ تأويلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>