للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإجماع الأئمَّةِ الأربَعةِ. اه، ولعلَّ حِكايةَ الإجماعِ مَحمولةٌ على حالَةِ السُّكرِ، أما القَليلُ منها ومِن كلِّ مُسكرٍ ما عَدا الخَمرَ ونحوَه فتَعاطيهِ لا يَحرمُ عندَ الإمامِ، والثاني: إذا لم يسكرْ (١).

وذكَرَ الحطَّابُ المالِكيُّ : قالَ في «التَّوضِيح»: فائِدةٌ تَنفعُ الفَقيهَ يَعرفُ بها الفرقَ بينَ المُسكرِ والمُفسِدِ والمُرقدِ، فالمُسكرُ: ما غيَّبَ العقلَ دونَ الحواسِّ مع نَشوةٍ وفَرحٍ، والمُفسِدُ: ما غيَّبَ العقلَ دونَ الحَواسِّ لا مع نَشوةٍ وفَرحٍ كعَسلِ البَلادِرِ، والمُرقدُ: ما غيَّبَ العقلَ والحواسَّ كالسَّيْكَرانِ.

ويَنبنِي على الإسكارِ ثَلاثةُ أحكامٍ دونَ الأخيرَينِ: الحَدُّ والنَّجاسةُ وتَحريمُ القليلِ، إذا تَقررَ ذلكَ فللمُتأخِّرينَ في الحشيشةِ قولانِ: هل هي مِنْ المُسكراتِ أو مِنْ المُفسداتِ؟ مع اتِّفاقِهم على المنعِ مِنْ أكلِها، فاختارَ القَرافِيُّ أنها مِنْ المُخدِّراتِ، قالَ: لأني لم أرَهُم يَميلونَ إلى القِتالِ والنُّصرةِ، بل عليهِم الذلَّةُ والمَسكنةُ، وربَّما عرَضَ لهم البُكاءُ.

وكانَ شَيخُنا الشهيرُ بعبدِ اللهِ المَنوفِيِّ يَختارُ أنها مِنْ المُسكراتِ؛ لأنَّا رَأَينا مَنْ يَتعاطاها يَبيعُ أموالَه لأجْلِها، ولولا أنَّ لهم فيها طَربًا لَمَا فَعَلوا ذلكَ، يُبيِّنُ ذلك أنَّا لا نَجدُ أحَدًا يَبيعُ دارَه ليَأكلَ بها سَيْكرانًا، وهو واضحٌ. انتَهى كلامُ «التَّوضيح».


(١) «حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح» (١/ ٤٤١)

<<  <  ج: ص:  >  >>