للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئلَ عمَّا يَجبُ على آكِلِ الحَشيشةِ ومَن ادَّعى أنَّ أكْلَها جائِزٌ حَلالٌ مُباحٌ؟

فأجابَ: أكلُ هذهِ الحَشيشةِ الصلبةِ حَرامٌ، وهي مِنْ أخبَثِ الخَبائثِ المُحرَّمةِ، وسواءٌ أكلَ قَليلًا أو كَثيرًا، لكنَّ الكثيرَ المُسكرَ منها حَرامٌ باتفاقِ المُسلمينِ، ومَن استَحلَّ ذلكَ فهو كافِرٌ يُستتابُ، فإنْ تابَ وإلا قُتلَ كافِرًا مُرتدًا لا يُغسَّلُ ولا يُصلَّى عليه ولا يُدفنُ بينَ المُسلمينَ، وحُكمُ المُرتدِّ شَرٌّ مِنْ حُكمِ اليهوديِّ والنصرانِيِّ، سواءٌ اعتَقدَ أنَّ ذلكَ يَحِلُّ للعامةِ أو للخاصةِ الذين يَزعمونَ أنها لُقمةُ الفِكرِ والذِّكرِ، وأنها تُحرِّكُ العزمَ الساكِنَ إلى أشرَفِ الأماكنِ، وأنهُم لذلكَ يَستعملونَها (١).

والقَولُ الثانِي وعليهِ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ وكَثيرٌ مِنْ الشافِعيةِ كالرَّمليِّ وغيرِه: أنه يُباحُ القَليلُ منها ويَحرمُ الكَثيرُ.

قالَ الإمامُ الحَصكَفيُّ الحَنفيُّ : (ويَحرمُ أكلُ البَنجِ والحَشيشةِ) هي وَرقُ القُنَّبِ (والأفيونِ)؛ لأنه مُفسِدٌ للعَقلِ ويَصدُّ عن ذِكرِ اللهِ وعن الصَّلاةِ، (لكنْ دونَ حُرمةِ الخَمرِ، فإنْ أكَلَ شيئًا مِنْ ذلكَ لا حَدَّ عليهِ وإنْ سَكِرَ) منه، (بل يُعَزَّرُ بما دُونَ الحَدِّ)، كذا في «الجَوهرَة» (٢).


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ٢١٠، ٢١٣)، ويُنظَر: «مغني المحتاج» (٥/ ٥٠٧).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٢٤)، وقالَ الإمامُ الحدَّاديُّ الحَنفيُّ : ولا يَجوزُ أكلُ البَنجِ والحَشيشةِ والأفيونِ، وذلك كلُّه حَرامٌ؛ لأنه يُفسِدُ العقلَ حتى يَصيرَ الرجلُ فيه خَلاعةٌ وفسادٌ ويَصدُّه عن ذِكرِ اللهِ وعن الصلاةِ، لكنَّ تحريمَ ذلكَ دونَ تَحريمِ الخمرِ، فإنْ أكَلَ شَيئًا مِنْ ذلكَ لا حَدَّ عليه وإنْ سَكِرَ منه، كما إذا شَربَ البولَ وأكَلَ الغائطَ، فإنه حَرامٌ ولا حَدَّ عليه في ذلك، بل يُعزَّرُ بما دُونَ الحَدِّ، واللهُ أعلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>