للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهِ بالسَّلامةِ مِنْ مَضارِّها الدُّنيويةِ والأُخرَويةِ، واللهُ أعلَمُ بالصَّوابِ. انتهى جَوابِي في الجَوزةِ وهو مُشتمِلٌ على النفائسِ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : والحَشيشةُ المُسكرةُ حَرامٌ، ومَن استَحلَّ السُّكْرَ منها فقدْ كفَرَ، بل في أصَحِّ قولَي العُلماءِ أنها نَجسةٌ كالخَمرِ، والخَمرُ كالبولِ، والحَشيشةُ كالعَذرةِ، ويَجبُ فيه الحَدُّ، وإنما تَوقَّفَ بعضُ الفُقهاءِ في الحدِّ لأنه ظَنَّ أنها تُغطِي العَقلَ كالبَنجِ فيُعزِّرُه، والصَّحيحُ أنها تُسكرُ، وإنما كانَتْ مُسكرةً بخِلافِ البنجِ وجَوزةِ الطِّيبِ لأنها تُسكرُ بالاستِحالةِ كالخَمرِ يُسكرِ بالاستِحالةِ أيضًا، فالبنجِ يُغيِّبُ العقلَ ويُسكرُ بعدَ الاستحالةِ كجَوزةِ الطِّيبِ، ومَن ظَنَّ أنَّ الحَشيشةَ لا تُسكرُ وإنما تُغيِّبُ العقلَ بلا لذَّةٍ لم يَعرفْ حَقيقةَ أمرِها؛ فإنه لولا ما فيها مِنْ اللذَّةِ لم يَتناولْها، بخِلافِ البنجِ ونحوِه، والشارعُ اكتفَى في المُحرَّماتِ التي لا تَشتهيها النُّفوسُ كالدمِ بالزاجِرِّ الطَّبيعيِ، فجعَلَ العُقوبةَ عليها التعزيرَ، وأما ما تَشتهيهُ النُّفوسُ فقدْ جعَلَ الزاجرَ الشَّرعيَّ كالزاجرِ الطَّبيعيِّ وهو الحَدُّ، والحَشيشةُ مِنْ هذا البابِ (٢).

وسُئلَ عمَّن يأكلُ الحَشيشةَ ما يَجبُ عليه؟

فأجابَ: الحَمدُ للهِ، هذه الحَشيشةُ الصلبةُ حرامٌ، سَواءٌ سَكِرَ منها أو لم يَسكرْ، والسكْرُ منها حَرامٌ باتفاقِ المُسلمينَ، ومَن استَحلَّ ذلكَ وزعَمَ أنه


(١) «الزواجر» (١/ ٤١٧، ٧١٩)، و «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٤/ ٢٢٩).
(٢) «مختصر الفتاوى المصرية» (١/ ٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>