ووَجهُ الردِّ أنَّ ما نِيطَ بالمَظنةِ لا يُؤثرُ فيه خُروجِ بعضِ الأفرادِ، كما أنَّ القَصرَ في السفرِ لمَّا نِيطَ بمَظنةِ المَشقةِ جازَ وإنْ لم تُوجَدِ المَشقةُ في كَثيرٍ مِنْ جُزئياتِه، فاتضَحَ بذلكَ أنه لا خِلافَ بينَ مَنْ عبَّرَ في نحوِ الحَشيشةِ بالإسكارِ ومَن عبَّرَ بالتخديرِ والإفسادِ، والمُرادُ به إفسادٌ خاصٌّ هو ما سبَقَ، فاندفَعَ به قَولُ الزركشيِّ:«إنَّ التعبيرَ به يَشملُ الجُنونَ والإغماءَ؛ لأنهُما مُفسِدانِ للعَقلِ أيضًا»، فظهَرَ بما تقرَّرَ صِحةُ قولِ الفَقيهِ المَذكورِ في السؤالِ إنها مُخدِّرةٌ وبُطلانُ قولِ مَنْ نازَعَه في ذلكَ، لكنْ إنَ كانَ لجَهلِه عُذرَ.
وبعدَ أنْ يَطلعَ على ما ذكَرْناه عن العُلماءِ متى زعَمَ حِلَّها أو عدَمَ تَخديرِها وإسكارِها يُعزَّرُ التعزيرَ البليغَ الزاجِرَ له ولأمثالِه، بل قالَ ابنُ تَيميةَ وأقَرَّه أهلُ مَذهبِه: مَنْ زعَمَ حِلَّ الحَشيشةِ كفَرَ.
فلْيَحذَرِ الإنسانُ مِنْ الوُقوعِ في هذهِ الوَرطةِ عند أئمَّةِ هذا المَذهبِ المُعظَّمِ.
وعَجيبٌ ممَّن خاطَرَ باستِعمالِ الجَوزةِ مع ما ذكَرْناهُ فيها مِنْ المَفاسدِ والإثمِ لأغراضِه الفاسِدةِ، على أنَّ تلك الأغراضَ تَحصلُ جَميعُها بغيرِها، فقدْ صرَّحَ رَئيسُ الأطباءِ ابنُ سِينا في قَانونِه بأنه يَقومُ مَقامَها وَزنُها ونِصفُ وَزنِها مِنْ السُّنبلِ، فمَن كانَ يَستعملُ منها قَدرًا ما ثُمَّ استَعملَ وزنَه ونِصفَ وزنِه مِنْ السُّنبلِ حصَلتْ له جَميعُ أغراضِه مع السَّلامةِ مِنْ الإثمِ والتعرُّضِ لعِقابِ اللهِ ﷾، على أنَّ فيها بعضَ مَضارَّ بالرِّئةِ ذكَرَها بعضُ الأطباءِ، وقد خَلا السُّنبلُ عن تلكَ المَضارِّ، فقدْ حصَلَ به مَقصودُها، وزادَ