للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمَعاصي، فإذا تابَ .. فالظاهِرُ أنه تابَ تقيَّةً، فلمْ يُحكمْ بصِحةِ تَوبتِه حتى يَقترنَ به إصلاحُ العَملِ، ويُشترطُ إصلاحُه للعَملِ مُدةً يُوثَقُ بتَوبتِه فيها.

وأما قَطعُ اليَدِ لأخذِ المالِ في المُحارَبةِ .. فاختَلفَ أصحابُنا فيه:

فقالَ أبو إسحاقَ: لا يَختصُّ بالمُحارَبةِ؛ لأنه لا يَجبُ إلا بأخذِ نِصابٍ، فهو كالقَطعِ في السرقةِ.

وقالَ أبو عَليٍّ ابنُ أبي هُريرةَ وأبو عَليٍّ الطبَريُّ: يَختصُ بالمُحارَبةِ؛ لقولِه تعالَى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المائدة: ٣٣] الآيةَ، فعلَّقَ قطْعَ اليدِ والرِّجلِ بالمحارَبةِ، فدَلَّ على أنهُما يَختصَّانِ معًا بالمحارَبةِ، ولأنه وجَبَ لأخذِ المالِ مُجاهَرةً، وقَطعُ اليدِ في السرقةِ يَجبُ لأخذِ المالِ مِنْ حِرزِه على وجهِ الاستخفاءِ .. فكانَا مُختلِفينِ.

فعَلى قولِ أبي إسحاقَ: إذا تابَ قاطعُ الطريقِ قبلَ القُدرةِ عليه .. هل يَسقطُ عنه قَطعُ اليدِ؟ على قَولينِ.

وعلى قَولِ أبَوَي عليٍّ: يَسقطُ بالتَّوبةِ قبلَ القُدرةِ عليه قولًا واحدًا.

هذا نَقلُ أصحابِنا العِراقيِّينَ، وقالَ المَسعوديُّ في «الإبانَةِ»: إذا تابَ قاطعُ الطريقِ قبلَ الظفَرِ به .. فالصَّحيحُ أنَّ ما كانَ حقًّا للهِ تعالَى كالقطعِ ونحوِه .. فإنه يَسقطُ، وما كانَ حقًّا لآدَميٍّ كانحِتامِ القِصاصِ .. لا يَسقطُ، وقيلَ: يَسقطُ القِصاصُ أيضًا، وليسَ بشَيءٍ، وإنْ تابَ بعدَ الظفَرِ به .. ففيهِ قَولانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>