للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَذهبُ الحَنابلةِ قَريبٌ مِنْ مَذهبِ الشافِعيةِ، فقالوا: يَختلفُ الحِرزُ باختِلافِ الأموالِ والبُلدانِ وعَدلِ السُّلطانِ وجَورِه وقُوَّتِه وضَعفِه؛ لخَفاءِ السارقِ بالبلدِ الكَبيرِ لسِعةِ أقطارِه أكثَرَ مِنْ خَفائِه في البلدِ الصَّغيرِ، وكذا السُّلطانُ إنْ كانَ عَدلًا يُقِيمُ الحُدودَ قلَّ السُّراقُ، فلا يَحتاجُ الإنسانُ إلى زِيادةِ حِرزٍ.

وإنْ كانَ جائرًا يُشارِكُ مَنْ التَجأَ إليهِ ويَذبُّ عنهُم قَوِيتْ صَولتُهم، فيَحتاجُ أربابُ الأموالِ إلى زِيادةِ التحفُّظِ، وكذا الحالُ مع قوَّتِه وضَعفِه.

فحِرزُ الأثمانِ والجَواهرِ والقُماشِ في الدُّورِ والدَّكاكينِ في العُمرانِ وَراءَ الأبوابِ والأغلاقِ الوَثيقةِ.

والصُّندوقُ في السُّوقِ حِرزٌ وثَمَّ حارسٌ؛ لأنه العادةُ، وإنْ لم يَكن ثَمَّ حارسٌ فليسَ الصُّندوقُ حِرزًا، فإنْ لم تَكنِ الأبوابُ مُغلقةً ولا فيها حافظٌ فليسَتْ حِرزًا، وإنْ كانَ في الدارِ المَفتوحةِ الأبوابِ خَزائنُ مُغلقةٌ فالخَزائنٌ حِرزٌ لِما فيها مِنْ الأموالِ، وما خَرجَ عن الخَزائنِ فليسَ بمُحرزٍ إذا كانَتْ أبوابُ الدارِ مَفتوحةً.

وأما البُيوتُ التي في البَساتينِ والطُّرقِ والصَّحراءِ فإنْ لم يَكنْ فيها أحَدٌ فليسَتْ حِرزًا، مُغلَقةً كانَتْ أو مَفتوحةً، وإنْ كانَ فيها أهلُها أو حافظٌ مُلاحِظٌ فهي حِرزٌ، مُغلقةً كانتْ أو مَفتوحةً، فإنْ كانَ بها نائمٌ وهي مُغلقةٌ فهي حِرزٌ، وإنْ لم تكنْ مُغلقةً فليسَتْ بحِرزٍ إلا أنْ يكونَ الحافِظُ يَقظانَ، وكذا خَيمةٌ وخَرْكاه ونحوُهما كبَيتِ الشَّعرِ إنْ كانَ فيها أحَدٌ ولو نائمًا فهي مُحرزةٌ مع ما فيها؛ لأنها هَكذا تُحرزُ في العادةِ، وإنْ لم يَكنْ فيها أحَدٌ فإنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>