للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع فَتحِ البابِ، ولو كانَ يُبالِغُ في المُلاحَظةِ بحَيثُ يَحصلُ الإحرازُ بمِثلِه في الصَّحراءِ فانتَهزَ السارقَ فُرصةً قُطعَ بلا خِلافٍ.

ولو فتَحَ صاحبُ الدارِ بابَها وأَذِنَ للناسِ في الدخولِ كشِراءِ مَتاعِه كما يَفعلُه مَنْ يَخبزُ في دارِه فوَجهانِ؛ لأنَّ الزحمةَ تُشغِلُ، فأما إذا لم يَكنْ فيها أحَدٌ فالمَذهبُ أنه إنْ كانَ البابُ مُغلقًا فهو حِزرٌ بالنهارِ في وَقتِ الأمنِ، وليسَ حِرزًا في وَقتِ الخَوفِ ولا في الليلِ، وإنْ كانَ مَفتوحًا لم يَكنْ حِرزًا أصلًا.

وإذا ادَّعَى السارقُ أنَّ صاحِبَ الدارِ نامَ أو ضَيَّعَ ما فيها وأعرَضَ عن اللِّحاظِ فقالَ الغَزاليُّ: يَسقطُ القَطعُ بمُجرَّدِ دَعواهُ كما في دَعوَى المِلكِ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : واعلَمْ أنَّ الأمرَ في كلِّ هذا مَبنيٌّ على العادةِ الغالبةِ في الإحرازِ، وعلى هذا الأصلِ قالَ الأصحابُ: النَّقدُ والجَوهرُ والثِّيابُ لا تكونُ مُحرزةً إلا بإغلاقِ البابِ عليها، وأمتِعةُ العطَّارينَ والبقَّالينَ والصيَادِلةِ إذا ترَكَها على بابِ الحانوتِ ونامَ فيه أو غابَ عنه فإنْ ضَمَّ بعضَها إلى بَعضٍ وربَطَها بحَبلٍ أو علَّقَ عليها شَبكةً أو وَضعَ لَوحَينِ على بابِ الحانوتِ مُخالِفينِ كفَى ذلكَ إحرازًا في النَّهارِ؛ لأنَّ الجِيرانَ والمارَّةَ يَنظرونَها، وإنْ تَركَها مُفرَّقةً ولم يَفعلْ شَيئًا ممَّا ذكَرْناه لم تَكنْ مُحرزةً، وأما بالليلِ فلا تكونُ مُحرزةً إلا بحارسٍ … (١).


(١) «روضة الطالبين» (٦/ ٥٥٣، ٥٥٦)، و «البيان» (١٢/ ٤٤٤، ٤٤٨)، و «النجم الوهاج» (٩/ ١٦٢، ١٧٣)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٦٨، ٤٧٣)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٥١٧، ٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>