للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطْعَ على خائنٍ» (١)، وكذلكَ لو سَرقَ مِنْ بَعضِ بُيوتِ الدارِ المَأذونِ في دُخولِها وهو مُقفَلٌ أو مِنْ صُندوقٍ في الدارِ أو مِنْ صُندوقٍ في بَعضِ البيوتِ وهو مُقفَلٌ عليهِ إذا كانَ البَيتُ مِنْ جُملةِ الدارِ المَأذونِ في دُخولِها؛ لأنَّ الدارَ الواحِدةَ حِرزٌ واحدٌ، وقد خرَجَتْ بالإذنِ له مِنْ أنْ تكونَ حِرزًا في حقِّه، فكذلكَ بُيوتُها.

ورُويَ عن أبي يُوسفَ أنه قالَ في رَجلٍ كانَ في حمَّامٍ أو خانٍ وثِيابُه تحتَ رأسِه فسَرقَها سارقٌ: إنه لا قطْعَ عليهِ، سَواءٌ كانَ نائمًا أو يَقظانًا، وإنْ كانَ في صَحراءَ وثَوبُه تحتَ رأسِه قُطعَ.

وكذلكَ رُويَ عن مُحمدٍ في رَجلٍ سَرقَ مِنْ رَجلٍ وهو معهُ في الحمَّامِ، أو سَرقَ مِنْ رَجلٍ وهو معهُ في سَفينةٍ، أو نزَلَ قَومٌ في خانٍ فسَرقَ بعضُهم مِنْ بعضٍ أنه لا قطْعَ على السارقِ، وكذلكَ الحانوتُ؛ لأنَّ الحمَّامَ والخانَ والحانوتَ كلُّ واحدٍ حِرزٌ بنفسِه، فإذا أذِنَ للناسِ في دُخولِه خرَجَ مِنْ أنْ يكونَ حِرزًا، فلا يُعتبَرُ فيهِ الحافظُ، فلا يَصيرُ حِرزًا بالحافظِ، ولهذا قالوا: إذا سَرقَ مِنْ الحمَّامِ ليلًا يُقطَعُ؛ لأنَّ الناسَ لم يُؤذَنوا بالدُّخولِ فيه ليلًا.

فأما الصَّحراءُ أو المَسجدُ وإنْ كانَ مَأذونَ الدُّخولِ إليهِ فليسَ حِرزًا بنفسِه بل بالحافظِ، ولم يُوجَدِ الإذنُ مِنْ الحافظِ، فلا يَبطلُ معنَى الحِرزِ فيهِ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٣٩١، ٤٣٩٢)، والنسائي (٤٩٧٣، ٤٩٧٤)، وأحمد (١٥١١٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٧٣، ٧٤)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>