ورُويَ عن صَفوانَ بنِ أُميَّةَ:«أنهُ سُرقَتْ خَميصتُه مِنْ تَحتِ رَأسِه وهو نائِمٌ في مَسجدِ النبيِّ ﷺ، فأخَذَ اللِّصَّ فَجاءَ به إلى النبيِّ ﷺ فأمَرَ بقَطعِه، فقالَ صَفوانُ: أتَقطَعُه؟! قالَ: فهَلَّا قبلَ أنْ تأتيَني به تَركتَه؟!»(١)، ولم يَعتبِرِ الحِرزَ بنفسِه، فدَلَّ أنَّ كُلَّ واحدٍ مِنْ نَوعيِ الحرزِ مُعتبَرٌ بنَفسِه.
فإذا سَرقَ مِنْ النَّوعِ الأولِ يُقطعُ، سَواءٌ كانَ ثمَّةَ حافظٌ أو لا؛ لوُجودِ الأخذِ مِنْ الحرزِ، وسَواءٌ كانَ مُغلقَ البابِ أو لا بابَ له بعدَ أنْ كانَ مَحجوزًا بالبناءِ؛ لأنَّ البناءَ يُقصدُ به الإحرازُ كيفَ ما كانَ.
وإذا سَرقَ مِنْ النَّوعِ الثاني يُقطعُ إذا كانَ الحافِظُ قَريبًا منه في مكانٍ يُمكِنُه حِفظُه ويُحفَظُ في مِثلِه المَسروقُ عادةً، وسَواءٌ كانَ الحافظُ مُستيقظًا في ذلكَ المكانِ أو نائمًا؛ لأنَّ الإنسانَ يَقصدُ الحِفظَ في الحالَينِ جَميعًا، ولا يُمكِنُ الأخذُ إلا بفِعلِه، ألَا تَرى أنه ﷺ قطَعَ سارقَ صِفوانَ وصَفوانُ كانَ نائمًا.
ولو أذِنَ لإنسانٍ بالدُّخولِ في دارِه فسرَقَ المَأذونُ له بالدُّخولِ شَيئًا منها لم يُقطعْ وإنْ كانَ فيها حافِظٌ أو كانَ صاحِبُ المَنزلِ نائمًا عليه؛ لأنَّ الدارَ حِرزٌ بنفسِها لا بالحافظِ، وقد خرَجَتْ مِنْ أنْ تكونَ حِرزًا بالإذنِ، فلا يُعتبَرُ وُجودُ الحافظِ، ولأنه لمَّا أذِنَ له بالدُّخولِ فقدْ صارَ في حُكمِ أهلِ الدارِ، فإذا أخَذَ شَيئًا فهو خائنٌ، وقد رُويَ عن رَسولِ اللهِ ﷺ أنه قالَ: «لا
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد في «المسند» (٢٧٦٤٤)، والنسائي (٤٨٨٤).