للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكِنايةُ والتَّعرِيضُ: قولُه لرَجلٍ: «يا فاجِرُ، يا فاسِقُ، يا خَبيثُ»، ولمَرأةٍ: «يا فاجِرةُ، يا فاسِقةُ، يا خَبيثةُ، وأنتِ تُحبِّينَ الخَلوةَ، أو لا تَردِّينَ يدَ لامِسٍ»، ولزَوجتِه: «لم أَجِدْكِ عَذراءَ أو بِكرًا، أو وَجدتُ معكِ رَجلًا»، كلُّ هذا كِنايةٌ في القَذفِ.

فإنْ أنكَرَ إرادةَ قَذفٍ صُدِّقَ بيَمينِه، وقولُه: «يا ابنَ الحَلالِ، وأمَّا أنا فَلسْتُ بزَانٍ» ونحوُه تَعريضٌ ليسَ بقَذفٍ وإنْ نَواهُ، وقولُه: «زَنَيتُ بكِ» إقرارٌ بزِنًا وقَذفٌ.

ولو قالَ لزَوجتِه: «يا زانيةُ» فقالَتْ له جَوابًا: «زَنَيتُ بكَ، أو أنتَ أزنَى منِّي» فقاذفٌ لها، فيُحَدُّ؛ لإتيانِه بلفظِ القَذفِ الصريحِ، وكانِيَةٌ في قَذفِه، فتُصدَّقُ في إرادةِ عدمِ قَذفِه بيَمينِها؛ لأنَّ قولَها الأولَ يَحتملُ نفيَ الزنا، أي: «لم أفعَلْ كما لم تفعَلْ»، وهذا مُستعمَلٌ عُرفًا كقولكَ لمَنْ قالَ: «تَغدَّيتَ؟: تغَدَّيتُ معكَ»، وقولُها الثاني يَحتملُ إرادةَ «ما وَطئَني غيرُكَ، فإنْ كنتُ زانيةً فأنتَ أزنَى منِّي؛ لأني مُمكِّنةٌ وأنتَ فاعلٌ».

ولو قالَتْ جَوابًا أو ابتداءً: «أنا زانيةٌ وأنتِ أزنَى منِّي» فمُقِرَّةٌ على نفسِها بالزنا بقولِها: «زَنيتُ»، وقاذِفةٌ لزَوجِها باللفظِ الآخَرِ صرِيحًا، فتُحَدُّ للقَذفِ والزنا، ويُبدأُ بحَدِّ القَذفِ؛ لأنه حَقُّ آدَميٍّ، فإنْ رَجعَتْ سقَطَ حدُّ الزنا دونَ حدِّ القذفِ؛ لأنه حقُّ آدَميٍّ.

ولو قالَتْ لزَوجِها ابتِداءً: «أنتَ أزنَى مِنْ فُلانٍ» كانَ كِنايةً، إلا أنْ يَكونَ قدْ ثبَتَ زِناهُ وعَلِمتْ بثُبوتِه، فيَكونَ صَريحًا فتكونَ قاذِفةً، لا إنْ جَهلَتْ فيكونَ كِنايةً فتُصدَّقَ بيَمينِها في جَهلِها، فإذا حلَفَتْ عُزِّرتْ ولم تُحَدَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>