للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه لغَيرِه: «زنَى فَرجُك، أو ذكَرُك، أو قُبلُك، أو دُبرُك» -بفَتحِ الكافِ أو كَسرِها فيما ذُكرَ- قذفٌ؛ لأنه آلةُ ذلك العملِ أو مَحلُّه.

وقولُه: «زَنَتْ يَدُك وعَينُك»، ولوَلَدِه: «لَستَ منِّي، أو لستَ ابنِي» كِنايةٌ، ولِولدِ غَيرِه: «لستَ ابنَ فُلانٍ» صَريحٌ إلا لمَنفيٍّ بلِعانٍ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: ألفاظُ القَذفِ تَنقسمُ إلى صَريحٍ وكِنايةٍ كالطلاقِ وغيرِه.

فصَريحُ القَذفِ: ما لا يَحتملُ غيرَه، نحوُ: «يا مَنيُوكةُ» إنْ لم يُفسِّرْه، فإنْ فسَّرهُ بذلك لم يَكنْ قذفًا، و «يا مَنيوكُ، يا زاني، يا عاهِرُ».

وأصلُ العُهرِ إتيانُ الرَّجلُ المَرأةَ ليلًا للفُجورِ بها، ثمَّ غلَبَ على الزاني، سواءٌ جاءَها أو جاءَتْه لَيلًا أو نهارًا.

«يا لُوطيُّ»: وهو في العُرفِ مَنْ يأتي الذُّكورَ؛ لأنه عَملُ قَومِ لُوطٍ؛ لأنَّ هذه الألفاظَ صَريحةٌ في القَذفِ لا تَحتملُ غيرَه، فأشبَهَ صَريحَ الطلاقِ.

و: «لستَ ولَدَ فُلانٍ» فقَذفٌ لأُمِّه، أي: المَقولِ له.

وكذا لو نَفاهُ عن قَبيلتِه؛ لحَديثِ الأشعثِ بنِ قَيسٍ: «لا أُوتَى برَجلٍ يَقولُ: إنَّ كِنانةَ ليسَتْ مِنْ قُريْشٍ، إلا جَلدتُه» (٢).

وكِنايتُه: «زنَتْ يَداكَ، أو رِجلاكَ، أو يَدُكَ، أو بَدنُكَ»؛ لأنَّ زِنَى هذهِ الأعضاءِ لا يُوجِبُ الحَدَّ؛ لحَديثِ: «العَينانِ تَزنِيانِ وزِناهُما النَّظرُ، واليَدانِ


(١) «النجم الوهاج» (٨/ ٨٦، ٨٩)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٥٦، ٦١).
(٢) موقوف: رواه ابن ماجه (٢٦١٢)، وأحمد (٥/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>