الحِمارِ، أو يا خِنزيرُ» وما أشبَهَ ذلكَ فإنه يُؤدَّبُ في ذلكَ، وكذلكَ يُؤدَّبُ مَنْ قالَ لآخَرَ:«أنا عَفيفٌ، أو ما أنتَ بعَفيفٍ»، وإنَّما لم يُحَدَّ لأنه لمَّا لم يَصِفِ العفَّةَ للفَرجِ احتملَ العِفةَ في المَطعمِ وغيرِه، فلذا لم يَجبْ عليه الحدُّ إلا لقَرينةٍ تَصرِفُه للفَرجِ.
ومَن قالَ لامرأةٍ أجنَبيةٍ:«أنتِ زَنَيتِ، فقالَتْ: بكَ، أي: زَنَيتُ بكَ» فإنها تُحَدُّ حَدَّينِ: حَدَّ القَذفِ وحَدَّ الزنا؛ لتَصديقِها عليه، إلا أنْ تَرجعَ عن إقرارِها بالزِّنا فإنها تُحَدُّ للقذفِ فقطْ، إلا أنْ تكونَ أرادَتْ جَوابَه فعليهِ حَدُّ القَذفِ.
ولو قالَ شَخصٌ لآخَرَ:«يا زاني، فقالَ: أنتَ أزْنَى منِّي» فإنه لا حدَّ على القائلِ الأولِ؛ لأنه قذَفَ غيرَ عَفيفٍ، ويُحَدُّ الثاني للزنا والقَذفِ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: وألفاظُ القذفِ الصَّريحةُ: الزِّنا كقولِه لرَجلٍ أو امرأةٍ: «زَنَيتَ، أو زَنَيتِ، أو يا زانِي، أو يا زانيةُ».
والرَّميُ بإيلاجِ حَشفةٍ في فَرجٍ مع وَصفِه بتَحريمٍ أو دُبرٍ صَريحانِ؛ لاشتهارِ ذلكَ عُرفًا، ففي الإيلاجِ في الفَرجِ لا بُدَّ مِنْ وَصفِه بالحُرمةِ؛ لأنه قد يكونُ حَلالًا وقد يكونُ حَرامًا، والإيلاجُ في الدُّبرِ لا يكونُ إلا حَرامًا، سواءٌ وصَفَ به الرَّجلَ أو المرأةَ.
وأما قولُه:«يا لُوطيُّ» .. فقيلَ: إنه كِنايةٌ؛ لاحتمالِ إرادةِ أنه على دِينِ قومِ لُوطٍ ﵇، وفي قَولٍ: إنه صريحٌ؛ لبُعدِ هذا الاحتمالِ.
(١) «التاج والإكليل» (٥/ ٣٣٩، ٣٤٢)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٨٨، ٩٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٢٥، ٣٣١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٥١، ٣٥٦).