ولنا:«إنَّ أبا بَكرةَ ونافِعًا وشِبلَ بنَ مَعبدٍ شَهدُوا عندَ عُمرَ على المُغيرةِ بنِ شُعبةَ بالزنا ولم يَشهدْ زِيادٌ، فحَدَّ الثَّلاثةَ»، ولو كانَ المَجلسُ غيرَ مُشتَرَطٍ لم يَجُزْ أنْ يَحُدَّهم؛ لجوازِ أنْ يَكْملُوا برابعٍ في مَجلسٍ آخَرَ، ولأنه لو شَهدَ ثلاثةٌ فحَدَّهم ثمَّ جاءَ رابعٌ فشَهدَ لم تُقبَلْ شهادتُه، ولولا اشتِراطُ المَجلسِ لَكمُلَتْ شَهادتُهم، وبهذا فارَقَ سائرَ الشهاداتِ.
وأمَّا الآيةُ فإنها لم تَتعرَّضْ للشُّروطِ، ولهذا لم تَذكُرِ العَدالةَ وصِفةَ الزِّنا، ولأنَّ قولَه: ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ﴾ [النور: ٤] لا يَخلُو مِنْ أنْ يكونَ مُطلَقًا في الزَّمانِ كلِّه أو مُقيَّدًا، لا يَجوزُ أنْ يكونَ مُطلَقًا؛ لأنه يَمنعُ مِنْ جَوازِ جَلدِهم؛ لأنه ما مِنْ زَمنٍ إلا يَجوزُ أنْ يأتِيَ فيه بأربعةِ شُهداءَ أو بكَمالِهم إنْ كانَ قد شَهدَ بعضُهم، فيَمتنعُ جَلدُهم المَأمورُ بهِ فيَكونُ تَناقُضًا، وإذا ثبَتَ أنه مُقيَّدٌ فأَولى ما قُيِّدَ بالمَجلسِ؛ لأنَّ المجلسَ كلَّه بمَنزلةِ