قالَ الحَنفيةُ: يَسألُهم الإمامُ عن الزنا، ما هو؟ وكيفَ هو؟ لأنه يَختلِفُ، وفيهِ الحَقيقةُ والمَجازُ؛ لحَدِيثِ:«العَينانِ تَزنِيانِ وزِناهُما النَّظرُ، واليَدانِ تَزنِيانِ وزِناهُما البَطشُ، والرِّجلانِ تَزنِيانِ وزِناهُما المَشيُ، ويُصدِّقُ ذلكَ الفَرجُ أو يُكذِّبُه»(١).
وإنما يَسألُهم كيفَ زنَى؛ لاحتِمالِ كَونِه مُكرَهًا، فلا يَجبُ عليه الحَدُّ، أو لاحتِمالِ تَماسِّ الفَرجَينِ بلا إيلاجٍ.
ويَسألُهم أينَ زَنَى؟ لاحتِمالِ أنْ يكونَ زَنَى في دارِ الحَربِ أو في عَساكرِ البُغاةِ، وذلك لا يُوجِبُ الحَدَّ؛ لأنه لمْ يَكنْ للإمامِ عليه يَدٌ، فصارَ ذلك شُبهةً فيه.
ويَسألُهم متى زَنَى؟ لجَوازِ أنْ يَكونوا شَهدُوا عليهِ بزِنًا مُتَقادِمٍ، فلا تُقبَلُ شَهادَتُهم، ولجَوازِ أنْ يَكونَ زَنَى وهو صَبيٌّ أو مَجنونٌ.
وحَدُّ التَّقادُمِ الذي يُسقِطُ الحَدَّ لا يُقدَّرُ بوَقتٍ مُعيَّنٍ، وهو مُفوَّضٌ إلى رأيِ القاضي.