للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه يَحتملُ أنْ يكونَ المَشهودُ بهِ لا يُوجِبُ حَدَّ الزنا، فوجَبَ على الحاكِمِ أنْ يَستفسرَ عن حَقيقةِ الزنا.

قالَ الإمامُ ابنُ حَزمٍ : لا يَختلفُ اثنانِ مِنْ الأمَّةِ في أنَّ شَهادتَهم التي يُكلَّفونَها هي أنْ يَشهدُوا بأنهم رَأَوا فرْجَه في فَرجِها والِجًا خارِجًا، والإجماعُ قد صَحَّ بأنَّ ما عَدا هذهِ الشَّهادةَ ليسَتْ شهادةَ بزِنًا ولا يَبرأُ بها القاذِفُ مِنْ الحَدِّ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : مِنْ شَرطِ هذه الشَّهادةِ أنْ تكونَ بمُعايَنةِ فَرجِه في فَرجِها، وأنها تكونُ بالتَّصريحِ لا بالكِنايةِ، وجُمهورُهم على أنَّ مِنْ شَرطِ هذه الشَّهادةِ أنْ لا تَختلفَ لا في زَمانٍ ولا في مَكانٍ، إلا ما حُكيَ عن أبي حَنيفةَ مِنْ مَسألةِ الزَّوايا المَشهورةِ، وهو أنْ يَشهدَ كلُّ واحِدٍ مِنْ الأربَعةِ أنه رَآها في رُكنٍ مِنْ البيتِ يَطؤُها غيرَ الرُّكنِ الذي رآهُ فيه الآخَرُ.

وسَببُ الخِلافِ: هل تُلفَّقُ الشهادةُ المُختلِفةُ بالمَكانِ؟ أم لا تُلفَّقُ كالشَّهادةِ المُختلِفةِ بالزَّمانِ؟ فإنهُم أجمَعُوا على أنها لا تُلفَّقُ، والمَكانُ أشبَهُ بالزمانِ.

والظاهِرُ مِنْ الشرعِ قَصدُه إلى التوثُّقِ في ثُبوتِ هذا الحَدِّ أكثَرَ منه في سائرِ الحُدودِ (٢).


(١) «المحلى» (١١/ ٢٧٠).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>