قَريبٌ منه في الزِّنى؟ وأكَّدَ سُبحانَه ذلك عليهِم بقولِه: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأنبياء: ٧٤]، ثمَّ أكَّدَ عليهِم الذمَّ بوَصفَينِ في غايةِ القُبحِ، فقالَ: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (٧٤)﴾ [الأنبياء: ٧٤]، وسمَّاهُم مُفسِدينَ في قَولِ نَبيِّهم: ﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠)﴾ [العنكبوت: ٣٠]، وسمَّاهُم ظالِمينَ في قَولِ المَلائكةِ لإبراهِيمَ: ﴿إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (٣١)﴾ [العنكبوت: ٣١]، فتأمَّلْ مَنْ عُوقِبَ بمِثلِ هذه العُقوباتِ، ومَن ذَمَّه اللهُ بمثلِ هذه المَذمَّاتِ.
ولمَّا جادَلَ فيهِم خَليلُه إبراهيمُ المَلائكةَ وقد أخبَروهُ بإهلاكِهم قيلَ له: ﴿يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)﴾ [هود: ٧٦].
وتأمَّلْ خُبثَ اللُّوطيةِ وفرْطَ تَمرُّدِهم على اللهِ، حيثُ جاؤُوا نَبيَّهم لُوطًا لمَّا سَمِعوا بأنه قد طرَقَه أضيافٌ هم مِنْ أحسَنِ البشرِ صُوَرًا، فأقبَلَ اللُّوطيةُ إليه يُهروِلونَ، فلمَّا رآهُم قالَ لهم: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ [هود: ٧٨]، ففَدَى أضيافَه ببَناتِه يُزوِّجُهم بهِنَّ خَوفًا على نَفسِه وأضيافِه مِنْ العارِ الشديدِ فقالَ: ﴿يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨)﴾ [هود: ٧٨]، فرَدُّوا عليه، ولكنْ رَدَّ جبَّارٍ عَنيدٍ: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (٧٩)﴾ [هود: ٧٩]، فنفَثَ نَبيُّ اللهِ نَفثةَ مَصدورٍ خرَجَتْ مِنْ قلبٍ مَكروبٍ عميدٍ، فقالَ: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠)﴾ [هود: ٨٠]، فنفَّسَ له رُسلُ اللهِ وكَشَفوا له عَنْ حَقيقةِ الحالِ وأعْلَموهُ أنهُم لَيسوا ممَّن يُوصَلُ إليهم ولا إليه بسَببِهم فلا تَخفْ منهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute