قولُه:«وقالَ قَتادةُ: قلتُ لسعيدِ بنِ المُسيبِ إلخ» وصَلَه أبو بكرٍ الأثرمُ في كِتابِ «السُّنن» مِنْ طريقِ أبانَ العطَّارِ عن قَتادةَ، ومثلُه مِنْ طَريقِ هشامِ الدَّستوائيِّ عن قَتادةَ بلفظِ:«يَلتمسُ مِنْ يُداويهِ، فقالَ: إنما نهَى اللهُ عمَّا يَضرُّ ولم يَنْهَ عمَّا يَنفعُ»، وأخرَجَه الطبَريُّ في «التَّهذِيب» مِنْ طَريقِ يَزيدَ بنِ زُريعٍ عن قَتادةَ عن سَعيدِ بنِ المُسيبِ أنه كانَ لا يَرَى بأسًا إذا كانَ بالرَّجلِ سِحرٌ أنْ يَمشيَ إلى مَنْ يُطلِقُ عنه، فقالَ: هو صَلاحٌ، قالَ قَتادةُ: وكانَ الحَسنُ يَكرهُ ذلكَ، يقولُ: لا يَعلمُ ذلكَ إلا ساحِرٌ، قالَ: فقالَ سَعيدُ بنُ المُسيبِ: إنما نهَى اللهُ عما يَضرُّ ولم يَنْهَ عما يَنفعُ.
وقد أخرَجَ أبو داودَ في «المَراسِيل» عن الحَسنِ رفَعَه «النُّشرةَ مِنْ عَملِ الشَّيطانِ»، ووصَلَه أحمَدُ وأبو داودَ بسَندٍ حَسنٍ عن جابِرٍ، قالَ ابنُ الجَوزيِ: النُّشرةُ حَلُّ السحرِ عن المَسحورِ، ولا يَكادُ يَقدرُ عليهِ إلا مَنْ يَعرفُ السِّحرَ، وقد سُئلَ أحمَدُ عمَّن يُطلِقُ السحرَ عن المَسحورِ فقالَ: لا بأسَ به، وهذا هو المُعتمَدُ.
ويُجابُ عن الحَديثِ والأثَرِ بأنَّ قولَه:«النُّشرةُ مِنْ عَملِ الشَّيطانِ» إشارةٌ إلى أصلِها، ويَختلفُ الحُكمُ بالقَصدِ، فمَن قصَدَ بها خَيرًا كانَ خيرًا، وإلا فهو شَرٌّ، ثم الحَصرُ المَنقولُ عن الحَسنِ ليسَ على ظاهرِه؛ لأنه قد يَنحلُّ بالرُّقَى والأدعيَةِ والتَّعويذِ، ولكنْ يُحتملُ أنْ تكونَ النُّشرةُ نَوعينِ.
قولُه:«به طِبٌّ» بكَسرِ الطاءِ، أي: سِحرٌ، وقد تَقدَّمَ تَوجيهُه.