إلا أنَّ الشافِعيةَ في الجَديدِ قالوا: ولو عُدِمَتِ الإبلُ فقِيمتُها وقتَ وُجوبِ تَسليمِها بالِغةً ما بلَغَتْ؛ لأنها بَدلُ مُتلَفٍ، فيُرجَعُ إلى قِيمتِها عندَ إعوازِ أصلِه، وتُقوَّمُ بنَقدِ بَلدِه الغالِبِ؛ لأنه أقرَبُ مِنْ غيرِه وأضبَطُ، فإنْ كانَ فيهِ نَقدانِ فأكثَرُ لا غالِبَ فيهما تَخيَّرَ الجاني بينَهُما.
وإنْ وُجدَ بَعضٌ مِنْ الإبلِ الواجِبةِ أخَذَ المَوجودَ منها وقِيمةَ الباقي، كما لو وجَبَ له على إنسانٍ مِثلٌ ووجَدَ بعضَ المِثلِ فإنه يَأخذُه وقِيمةَ الباقي.
واستَدلُّوا على أنها تُؤخذُ قيمتُها بما رَواهُ عَمرُو بنُ شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّهِ قالَ:«كانَتْ قِيمةُ الدِّيةِ على عَهدِ رَسولِ اللهِ ﷺ ثَمانِمائةِ دِينارٍ أو ثَمانيةَ آلافِ دِرهمٍ، ودِيةُ أهلِ الكِتابِ يَومئذٍ النِّصفُ مِنْ دِيةِ المُسلمينَ، قالَ: فكانَ ذلكَ كذلكَ حتى استُخلِفَ عُمرُ ﵁، فقامَ خَطيبًا فقالَ: ألَا إنَّ الإبلَ قد غَلَتْ، قالَ: ففرَضَها عُمرُ على أهلِ الذَّهبِ ألفَ دِينارٍ، وعلى أهلِ الوَرِقِ اثنَي عشَرَ ألفًا، وعلى أهلِ البَقرِ مِائتَي بَقرةٍ، وعلى أهلِ الشاءِ ألفَي شاةٍ، وعلى أهلِ الحُلَلِ مِائتَي حُلَّةٍ، قالَ: وترَكَ دِيةَ أهلِ الذِّمةِ لم يَرفَعْها فيما رفَعَ مِنْ الدِّية»(١)، قالَ العَمرانِيُّ ﵀: ومَوضعُ الدَّليلِ مِنْ الخبَرِ أنه قالَ: «كانَتْ قِيمةُ الدِّيةِ على عَهدِ رَسولِ اللهِ ﷺ كذا وكذا»، فدَلَّ على أنَّ الواجِبَ هو الإبلُ.