للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ عُمرَ وأرضاهُ قالَ: «ألَا إنَّ الإبلَ قد غَلَتْ»، وفرَضَ عليهِم ألفَ دِينارٍ أو اثنَي عشَرَ ألفَ دِرهمٍ، فتَعلَّقَ بغَلاءِ الإبلِ، فدَلَّ على أنَّ ذلكَ مِنْ طَريقِ القِيمةِ؛ لأنَّ ما وجَبَتْ قيمتُه اختَلفَ بالزِّيادةِ والنُّقصانِ، ولم يُخالِفْه أحَدٌ مِنْ الصَّحابةِ.

وما رُويَ مِنْ الأخبارِ للأولِ .. فنَحملُه على أنَّ ذلكَ مِنْ طَريقِ القِيمةِ.

فعَلى هذا: لا يَكونُ للدِّيةِ إلا أصلٌ واحِدٌ وهي الإبلُ، فإنْ كانَتِ الدِّيةُ مُغلَّظةً وأعوزَتِ الإبلُ، فإنْ قُلنَا بقَولِه الجَديدِ .. قُوِّمتْ مُغلَّظةً ثَلاثينَ حِقَّةً وثَلاثينَ جَذعةً وأربعِينَ خَلفةً، وإنْ قُلنا بقَولِه القَديمِ .. ففيه وَجهانِ حَكاهُما في «العُدَّة»:

أحَدُهما: تُغلَّظُ بثُلثِ الدِّيةِ، ولم يَذكرْ في «المُهذَّب» غيرَه؛ لِما ذكَرْناهُ عن عُمرَ وعُثمانَ وابنِ عبَّاسٍ وأرضاهُم.

والثَّاني: يَسقطُ التَّغليظُ؛ لأنَّ التغليظَ عندَنا إنما هو بالصِّفةِ في الأصلِ لا بالزِّيادةِ في العَددِ، وذلكَ إنما يُمكِنُ في الإبلِ دُونَ النَّقدِ، ألَا تَرى أنَّ العبدَ لمَّا لم يَجبْ فيه إلا القِيمةُ لم يَجبْ فيه التغليظُ؟ وما رُويَ عن الصَّحابةِ وأرضاهُم .. فقدْ ذكَرْنا أنما ذلكَ هو قِيمةُ ما أَوجَبوهُ، هذا مَذهبُنا (١).


(١) «البيان» (١١/ ٤٩١)، و «الحاوي الكبير» (١٢/ ٢٢٨)، و «المهذب» (٢/ ١٩٦)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٦٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢٩٦)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>